للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد ذكر البخاريّ من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن امرأة من أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية: "إن بعض أمهات المؤمنين"، وفي أخرى: "إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اعتَكَفَت معه بعضُ نسائه، وهي مستحاضة". انتهى كلام القاضي عياض رحمه الله (١).

وقال الحافظ أبو عليّ الجيّانيّ رحمه الله: هكذا رُوي "أن ابنة جحش"، وفي بعض النسخ عن أبي العبّاس الرازيّ: "أن زينب بنت جحش كانت تُستحاض"، وهو وَهَمٌ، والمستحاضة ليست زينب، وإنما هي أم حبيبة بنت جحش، وزعم قوم أن اسمها حبيبة، وتُكنى أم حبيبة، ثم أخرج بسنده عن محمد بن المثنّى، عن سفيان، عن الزهريّ، عن عمرة، عن عائشة، أن حبيبة بنت جحش، كانت تُستحاض، وكذلك قال الْحُميديّ، عن سُفيان، وهو الصحيح.

ثم أخرج بسنده، عن الحميديّ، عن سفيان، عن الزهريّ، عن عمرة، عن عائشة، أن حبيبة بنت جحش استُحيضت سبع سنين، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - … الحديث.

قال: وحَكَى أبو الحسن الدارقطنيّ، عن أبي إسحاق الحربي، أنه قال: الصحيح قول من قال في الحديث: "أن أم حبيب" بلا هاء، واسمها حبيبة.

قال أبو الحسن الدارقطنيّ: قول إبراهيم صحيحٌ، وكان من أعلم الناس بهذا الشأن. انتهى كلام الجيّانيّ رحمه الله (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما ذُكر من كلام هؤلاء الأئمة - رحمهم الله تعالى - أن رواية من روى "زينب بنت جحش" غلطٌ، والصواب ما وقع في أكثر الأصول "ابنة جحش"، وهي حبيبة أخت زينب أم المؤمنين - رضي الله عنهما -، وتُكنى أم حبيب بلا هاء، كما قاله الحربيّ، وصححه الدارقطنيّ، فتفطّن، والله تعالى أعلم.

وقوله: (بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ) يعني أن سفيان بن عيينة حدث عن الزهريّ نحو حديث الثلاثة المتقدّمين، وهم: الليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، وإبراهيم بن سعد عن الزهريّ.


(١) "إكمال المعلم" ٢/ ١٨٠ - ١٨١.
(٢) "تقييد المهمل" ٣/ ٧٩٤ - ٧٩٦.