للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد رُوي: "أعروا النساء يلزمن الحجال" (١)، يعني إذا لم يكن لها ما تلبسه في الخروج لزمت البيت، وكنّ نساء المسلمين يصلين في بيوتهن، وقد قال النبيّ - صلي الله عليه وسلم -: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خير لهن"، ولم يؤمرن مع القمص إلا بالخمر، لم تؤمر بسراويل؛ لأن القميص يغني عنه، ولم تؤمر بما يغطي رجليها، لا خُفّ، ولا جَوْرب، ولا بما يغطي يديها، لا بقفازين، ولا غير ذلك.

فدَلّ على أنه لا يجب عليها في الصلاة ستر ذلك، إذا لم يكن عندها رجال أجانب.

وقد رُوي أن الملائكة لا تنظر إلى الزينة الباطنة، فإذا وضعت خمارها وقميصها، لم ينظر إليها، وروي في ذلك حديث عن خديجة - رضي الله عنها -.

فهذا القدر للقميص والخمار هو المأمور به لحقّ الصلاة، كما يؤمر الرجل إذا صلى في ثوب واسع أن يَلْتَحِف به، فيغطي عورته ومنكبيه، فالمنكبان في حقه كالرأس في حق المرأة؛ لأنه يصلي في قميص، أو ما يقوم مقام القميص، وهو في الإحرام لا يلبس على بدنه ما يقدر له، كالقميص والجبة، كما أن المرأة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين، وأما رأسه فلا يخمره، ووجه المرأة فيه قولان في مذهب أحمد وغيره، قيل: إنه كرأس الرجل، فلا يُغَطَّى، وقيل: إنه كيديه فلا تغطي بالنقاب والبرقع، ونحو ذلك مما صُنِع على قدره، وهذا هو الصحيح، فإن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَنْهَ إلا عن القفازين والنقاب، وكنَّ النساء يدنين على وجوههن ما يسترها من الرجال، من غير وضع ما يجافيها عن الوجه، فعُلِم أن وجهها كيدي الرجل ويديها، وذلك أن المرأة كلَّها عورة كما تقدم، فلها أن تغطي وجهها ويديها، لكن بغير اللباس المصنوع بقدر العضو، كما أن الرجل لا يلبس السراويل، ويلبس الإزار، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى كلام شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد شيخ الإسلام رَحِمَهُ اللهُ، وأفاد حيث بيّن أن العورة التي يُطلب سترها في الصلاة، من الرجال والنساء، غير العورة التي


(١) حديث ضعيف، أخرجه الطبرانيّ، راجع: "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألبانيّ رَحِمَهُ اللهُ ٦/ ١.
(٢) "مجموع الفتاوى" (٢٢/ ١٠٩ - ١٢٠).