للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: أَدِرَ الرجلُ يَأْدَرُ: إذا أصابه ذلك، وفي "الصحاح": الأُدْرة: نفخة في الْخِصية، يقال: رجل آدرُ: بَيِّنُ الأَدَر، وفي "الجمهرة": هو العظيم الْخِصيتين. انتهى (١).

(قَالَ) الضمير للنبيّ عليه السلام، ويحتمل أن يكون لأبي هريرة - رضي الله عنه - حاكيًا ما سمع منه - صلى الله عليه وسلم - (فَذَهَبَ)، أي موسى عليه السلام (مَرَّةً يَغْتَسِلُ) جملة حاليّة، وهي حال مقدّرة، أي ذهب حال كونه مقدّرًا الاغتسال، فهو كقوله تعالى: {فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: ٧٣].

(فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ) رُوي عن سعيد بن جبير: أنه قال: الحجر الذي وضع موسى عليه السلام ثوبه عليه، هو الذي كان يَحمِله معه في الأسفار، فيضربه، فيتفجر منه الماء، والله تعالى أعلم، ذكره في "العمدة" (٢).

وقال في "الفتح": ظاهره أنه دخل الماء عريانًا، وعليه بوَّب البخاريّ في "كتاب الغسل": "من اغتسل عُرْيانًا"، قال: ونَقَل ابن الجوزيّ، عن الحسن بن أبي بكر النيسابوريّ أن موسى عليه السلام نزل إلى الماء مؤتزرًا، فلما خرج تتبع الحجر، والمئزر مبتلّ بالماء، عَلِمُوا عند رؤيته أنه غير آدر؛ لأن الأُدْرَة تَبِينُ تحت الثوب المبلول بالماء. انتهى.

قال: وهذا إن كان هذا الرجل قاله احتمالًا، فيحتمل، لكن المنقول يخالفه؛ لأن في رواية علي بن زيد، عن أنس، عند أحمد في هذا الحديث "أن موسى كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يُلْقِ ثوبه حتى يواري عورته في الماء". انتهى (٣).

(فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ)، وفي رواية البخاريّ المذكورة: "وإن الله أراد أن يُبرّئه مما قالوا لموسى، فخلا يومًا وحده، فوضع ثيابه على الحجر، ثم اغتسل، فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها، وإن الحجر عَدا بثوبه … ".

(قَالَ: فَجَمَحَ مُوسَى) مخفّف الميم: أي جَرَى أشدَّ الجري، قاله


(١) "عمدة القاري" ٣/ ٣٤١.
(٢) "عمدة القاري" ٣/ ٣٤٢.
(٣) "الفتح" ٦/ ٥٥٤.