للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والدابّة التي ركبها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كانت بغلة، كما بُيِّنَ في رواية أحمد، ولفظه: "قال: ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغلته، وأردفني خلفه".

(ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ)، أي يومًا من الأيّام، فـ "ذات" مقحمةٌ، وقيل: بل هي من إضافة الشيء لنفسه على رأي من يُجيزه (١).

(فَأَسَرَّ اِلَيَّ حَدِيثًا)، أي كلّمني به سرًّا، وفي رواية أحمد: "ثم ذهب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحائط، فقضى حاجته، ثم توضأ، ثم جاء، والماء يقطر من لحيته على صدره، فأسَرَّ إليّ شيئًا، لا أحدّث به أحدًا" (لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ) الجملة في محلّ نصب صفة لـ "حديثًا"، زاد في رواية أحمد: "فحَرَّجنا عليه (٢) أن يحدِّثنا، فقال: لا أُفشي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرَّه حتى ألقى الله".

(وَكَانَ أَحَبَّ مَا) اسم موصول، أي الذي (اسْتَتَرَ) بالبناء للفاعل (بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِحَاجَتِهِ)، أي عند قضاء حاجته، فاللام بمعنى"عند"، كقولهم: كتبته لخمس خلون، وجعل منه ابن جنّي قراءة الْجَحْدريّ: {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [ق: ٥] بكسر اللام، وتخفيف الميم، أي عندما جاءهم (٣). (هَدَف) بفتح الهاء، والدال: ما ارتفع من الأرض، قاله النوويّ (٤)، وقال الفيّوميّ: "الْهَدَف" - بفتحتين -: كلُّ شيء عظيم مرتفع، قاله ابن فارس، مثلُ الجبل، وكَثِيب الرمل، والبناء، والجمعُ: أَهْدافٌ، مثلُ سبب وأسباب، والهدَف أيضًا: الْغَرَضُ، وأَهْدَفَ لك الشيءُ بالألف: انتَصَبَ، واستهدف كذلك، ولأمن صَنَفَ، فقد استَهْدَف": أي انتَصَبَ كالغَرَض يُرْمَى بالأقاويل. انتهى (٥).

(أَوْ حَائِشُ نَخْلٍ) بالحاء المهملة، والشين المعجمة، وقد فسَّره بقوله: (قَالَ ابْنُ أَسْمَاءَ) هو: عبد الله بن محمد بن أسماء الضُّبَعيّ شيخه الثاني، نسبه لجدّه (فِي حَدِيثِهِ)، أي روايته لهذا الحديث (يَعْنِي) الضمير لعبد الله بن


(١) راجع: "الفتح" ١١/ ٣٩١.
(٢) أي: سألناه بشدّة أن يحدّثنا، وأصل التحريج - كما في: "القاموس المحيط" -: التضييق.
(٣) راجع: "مغني اللبيب" ص ٢١٦.
(٤) "شرح النووي" ٤/ ٣٥.
(٥) "المصباح المنير" ٢/ ٦٣٥.