للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأَرْسَلَ إِلَيْه، فَخَرَجَ)، أي الرجل المرسل إليه (وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ) بضمّ الطاء المهملة، من باب نصر، وقَطَرَانًا، وقَطَرته، يتعدّى، ولا يتعدّى، هذا قول الأصمعيّ، وقال أبو زيد: لا يتعدّى بنفسه، بل بالألف، فيقال: أقطرته، و"الْقَطْرة": النُّقْطة، والجمع قَطَرات، وتقاطر: سال قطْرَةً قطرةً، قاله الفيّوميّ (١).

والمعنى: ينزل منه الماء قطرةً قطرةً من أثر الغسل، وإسناد القطر إلى الرأس مجاز، من قبيل سال الوادي (٢)، والجملة في محلّ نصب على الحال، من فاعل "خَرَج"، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ) النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ؟) كلمة "لعلّ" هنا لإفادة التحقيق، بدليل الرواية السابقة: "أعجلنا الرجل"، فمعناه: قد أعجلناك عن فراغ حاجتك من الجماع.

قال العينيّ - رَحِمَهُ اللهُ - ما حاصله: لا يمكن أن تكون "لعلّ" هنا على بابها للترجّي؛ لأن الترجي لا يحتاج إلى جواب، وهنا قد أجاب الرجل بقوله: "نعم" مقرّرًا له، انتهى بتصرّف (٣).

وفيه جواز الأخذ بالقرائن؛ لأن الصحابيّ لما أبطأ عن الإجابه مدّة الاغتسال خالف المعهود منه، وهو سرعة الإجابه للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فلما رأى عليه أثر الغسل دلّ على أن شغله كان به، واحتَمَل أن يكون نزع قبل الإنزال؛ ليُسْرع الإجابةَ، أو كان أنزل فوقع السؤال عن ذلك.

وقد كان عتبان - رضي الله عنه - طَلَب من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيه، فيصلي في بيته، في مكان يتخذه مُصَلًّى، فأجابه كما سيأتي في موضعه، فيَحْتَمِل أن تكون هي هذه الواقعةَ، وقَدَّمَ الاغتسالَ؛ ليكون متأهبًا للصلاة معه، والله تعالى أعلم (٤).

(قَالَ) الرجل (نَعَمْ يَا رَسُولَ الله، قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (إِذَا أُعْجِلْتَ، أَوْ أَقْحَطْتَ) قال النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: أما "أُعْجِلْتَ": فهو في الموضعين - بضم الهمزة، وإسكان العين، وكسر الجيم - وأما "أَقْحَطتَ": فهو في الأولى - بفتح الهمزة والحاء -


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٠٧.
(٢) راجع: "عمدة القاري" ٣/ ٨٦.
(٣) "عمدة القاري" ٣/ ٨٦.
(٤) "الفتح" ١/ ٣٤١.