للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَالْوَاحِدَ اذْكُرْ نَاسِبًا لِلْجَمْعِ … إِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحِدًا بِالْوَضْعِ

وفي رواية أبي نعيم: "عن أبي موسى: قال: كنت في بيت، فذكروا ما يوجب الغسل"، وفي رواية أبي عوانة: "عن أبي موسى: قال: كنّا جلوسًا، فذكروا ما يوجب الغسل، فقال من حضر من المهاجرين: إذا مسّ الختان الختان، أو خالط الختان الختان، فقد وجب الغسل، وقال من حضر من الأنصار: لا حتى يَدْفُق، فقال أبو موسى: أنا آتيكم بالخبر، فقام إلى عائشة، فسلّم … " الحديث.

(لَا) نافية، ولذا رُفع الفعل بعدها (يَجِبُ الْغُسْلُ إِلَّا مِنَ الدَّفْقِ) بفتح الدال المهملة، وسكون الفاء: أي خروج المنيّ بشدّة، وقال أبو نعيم: الدَّفْقُ: الصبّ. انتهى. يقال: دَفَقَ الماءُ دَفْقًا، من باب نصر (١): انصبّ بشدّة، ودفقتُهُ أنا، يتعدّى ولا يتعدّى، فهو دافقٌ ومدفوقٌ، وأنكر الأصمعيّ استعماله لازمًا، قال: وأما قوله تعالى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦]، فهو على أسلوب لأهل الحجاز، وهو أنهم يُحَوِّلون المفعول فاعلًا إذا كان في محلّ نَعْتٍ، والمعنى: من ماء مدفوقٍ، وقال ابن الْقُوطيّة (٢) ما يوافقه: سِرٌّ كاتم؛ أي مكتوم، وعارف: أي معروفٌ، ودافق: أي مدفوق، وعاصم: أي معصومٌ، وقال الزجّاج: المعنى: من ماء ذي دَفْقٍ. ذكره الفيّوميّ - رحمه الله - (٣).

وقال المجد - رحمه الله -: دَفَقَه يَدْفُقُهُ - أي بالضمّ - وَيدْفِقُهُ - أي بالكسر -: صبّهُ، وهو ماءٌ دافقٌ: أي مدفوقٌ لأن دَفَقَ متعدٍّ عند الجمهور. انتهى (٤).

ثم يحتمل أن يكون المراد بقوله: "من الدَّفق" المعنى المصدريّ؛ أي من إخراج المنيّ، إن كان من المتعدّي، أو خروجه إن كان من اللازم، و"من" في الموضعين سببيّة.


(١) هكذا في "المصباح"، لكن في "القاموس" ما يفيد أنه من بابي نصر، وضرب؛ فتنبّه.
(٢) الظاهر أن "قال" هنا بمعنى ذكر؛ أي ذكر ابن القوطيّة ما يوافق ما قاله الأصمعي، فقال: يقال: سرّ كاتم … إلخ.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٩٧.
(٤) "القاموس المحيط" ٣/ ٢٣١.