للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكر ذلك الدارقطنيّ، وذكر له أيضًا طريقًا آخر عن الأوزاعيّ، هو منه أيضًا صحيح.

قال الدارقطنيّ: حدّثنا أبو بكر النيسابوريّ، أخبرني العبّاس بن الوليد بن مَزْيَد، أخبرني أبي، قال: سمعت الأوزاعيّ، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -، أنها سُئلت عن الرجل يُجامع المرأة، فلا يُنزل الماء؟ قالت: "فعلته أنا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاغتسلنا جميعًا".

قال الدارقطنيّ: رفعه الوليد بن مسلم، والوليد بن مَزْيد، ورواه بشر بن بكر، وأبو المغيرة، وعمرو بن أبي سلمة، ومحمد بن كثير الْمِصيصيّ، ومحمد بن مصعب، وغيرهم موقوفًا. انتهى كلامه (١).

الوليد بن مزيد ثقةٌ، أحد أكابر أصحاب الأوزاعيّ، وكان الأوزاعيّ يقول: عليكم به، فإن كتبه صحيحة، أو كلامًا هذا معناه، وقال أيضًا: ما عُرِض عليّ كتاب أصحّ من كتب الوليد بن مزيد، وقال فيه دُحيم: صالح الحديث.

وابنه العبّاس بن الوليد ثقةٌ صدوقٌ، وقد ذَكَر جميعُهُم سماع بعضهم من بعض، فصحّ الحديث.

فإن كان حديث الترمذيّ مُعتَرَضًا مَن طريق الوليد بن مسلم، فقد صحّ من طريق الوليد بن مزيد، وقد صحّ حديث عائشة - رضي الله عنها - بهذا المعنى من رواية جابر عنها، ذكره مسلم، فاعلم ذلك. انتهى كلام أبي الحسن ابن القطّان - رحمه الله - (٢)، وقد أجاد، وأفاد.

والحاصل أن الحديث صحيح بالروايتين: رواية المصنّف، ورواية أحمد، والترمذيّ، وابن ماجه، فلا معنى لتعقّب الحافظ ابن حجر كلام ابن القطّان بأنه متعسّف، لا يرتضيه محقّق، انظر: "نكته على تحفة الأشراف" (١٢/ ٢٧٢)، وقوله أيضًا في "التلخيص الحبير" (١/ ٢٤٢ - ١٤٣): وأجاب من


(١) "سنن الدارقطنيّ" ١/ ١١٢.
(٢) "بيان الوهم والإيهام" ٥/ ٢٦٧ - ٢٦٩.