النبيّ - صلى الله عليه وسلم -" -: هذا فيه فائدةٌ لطيفةٌ، وذلك أن الرواية الأولى فيها عن ابن عباس، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - جَمَع ثيابه، وليس فيها أنّ ابن عباس رأى هذه القضية، فيَحْتَمِل أنه رآها، ويحتمل أنه سمعها من غيره، وعلى تقدير أن يكون سمعها من غيره، يكون مرسل صحابيّ، وقد مَنَعَ الاحتجاج به الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، والصواب قول الجمهور، وهو الاحتجاج به، فلما كانت هذه الرواية محتملةً هذا الذي ذكرناه، نَبَّهَ مسلم رحمه الله على ما يزيل هذا كلّه، فقال: "شَهِدَ ابن عباس ذلك"، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى (١).
[تنبيه]: رواية الوليد بن كثير التي أحالها المصنّف هنا على رواية محمد بن عمرو بن حَلْحَلة، أخرجها الحافظ أبو نُعيم في "مستخرجه" (١/ ٣٩٦) فقال:
(٧٩٣) حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر، ثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو كريب، ثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، ثنا محمد بن عمرو بن عطاء، قال: كنت مع ابن عباس في بيت ميمونة، فجعل يتعجب ممن يزعُم أن الوضوء مما مست النار، ثم قال: لقد رأيتني في هذا البيت عند النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد توضأ ولبس ثيابه، فجاءه المؤذن، فخرج إلى الصلاة، حتى إذا كان في الحجرة، خارجًا من البيت، لقيه هديةُ عضوٍ من شاة، فأكل منه لقمةً، أو لقمتين، ثم صلى ولم يتوضأ. انتهى.
وأخرجه البيهقيّ في "الكبرى" مطوّلًا (١/ ١٥٣) فقال:
(٦٩١) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو، قالا: حدثنا أبو العباس، محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثيّ، ثنا أبو أسامة، عن الوليد بن كثير، عن محمد بن عمرو بن عطاء، قال: كنت مع ابن عباس في بيت ميمونة، زوج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، فجعل يَعْجَب ممن يزعُم أن الوضوء مما مست النار، ويضرب فيه الأمثال، ويقول: إنا نستحمّ بالماء الْمُسَخَّن ونتوضأ به، ونَدَّهِن بالدهن المطبوخ، وذكر أشياء مما يصيب الناس، مما قد مست النار، ثم قال: لقد رأيتني في هذا البيت، عند