للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مضمومة الباء، قال: وقال ذلك لأن الشياطين يحضرون الأخلية، وهي مواضع يُهْجَر فيها ذكر الله تعالى، فقَدَّم لها الاستعاذة؛ احترازًا منهم. انتهى.

وفيه نظر؛ لأن أبا عُبيد القاسم بن سلّام حَكَى تسكين الباء، وكذا الفارابيّ في "ديوان الأدب"، والفارسي في "مجمع الغرائب"، ولأن فُعُلًا بضمتين قد تُسَكَّن عينه؛ قياسًا، ككُتُب وكُتْب، فلعلّ مَن سكّنها سلك هذا المسلك.

وقال التُوربشتيّ: هذا مستفيض لا يسع أحدًا مخالفته، إلا أن يزعُم أن ترك التخفيف فيه أولى؛ لئلا يشتبه بالْخُبْث الذي هو المصدر.

وقال النوويّ - رحمه الله - في "شرحه": وأما "الخبث" فبضم الباء وإسكانها، وهما وجهان مشهوران في رواية هذا الحديث، ونَقَل القاضي عياض - رحمه الله - أن أكثر روايات الشيوخ الإسكان، وقد قال الإمام أبو سليمان الخطابيّ - رحمه الله -: "الخبث" بضم الباء: جماعة الخبيث، والخبائث جمع الخبيثة، قال: يريد ذكران الشياطين وإناثهم، قال: وعامة المحدثين يقولون: الخبْث بإسكان الباء، وهو غَلَطٌ، والصواب الضم، هذا كلام الخطابيّ.

وهذا الذي غَلَّطهم فيه ليس بغَلَط، ولا يصح إنكاره جوازَ الإسكان، فإن الإسكان جائز على سبيل التخفيف، كما يقال: كُتْبٌ، ورُسْلٌ، وعُنْقٌ، وأُذْنٌ، ونظائره، فكلُّ هذا وما أشبهه جائز تسكينه بلا خلاف عند أهل العربية، وهو باب معروف من أبواب التصريف، لا يمكن إنكاره، ولعل الخطابيّ أراد الإنكار على مَن يقول: أصله الإسكان، فإن كان أراد هذا فعبارته موهمة.

وقد صَرَّح جماعة من أهل المعرفة بأن الباء هنا ساكنةٌ، منهم الإمام أبو عبيد إمام هذا الفن، والعمدة فيه.

واختلفوا في معناه، فقيل: هو الشرّ، وقيل: الكفر، وقيل: الخبث: