للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المؤذِّنُ بالصلاة: أَعْلَمَ بها، قال ابن بَرِّيّ: وقولهم: أَذَّن العصرَ بالبناء للفاعل خطأٌ، والصواب أُذِّنَ بالعصر، بالبناء للمفعول مع حرف الصّلَة، و"الأذان" اسم منه، والْفَعَالُ بالفتح يأتي اسمًا من فَعَّلَ بالتشديد، مثلُ وَدَّع وَدَاعًا، وسَلَّمَ سَلَامًا، وكَلَّمَ كَلَامًا، وزَوَّجَ زَوَاجًا، وجَهَّزَ جَهَازًا. انتهى (١).

وقال النوويّ - رحمه الله - في "شرح المهذّب": قال أهل اللغة: أصل الأذان الإعلام، والأذان للصلاة معروف، يقال فيه: الأذان، والأَذِين، والتأذين، قاله الهرويّ في "الغريبين". قال: وقال شيخي: الأَذِين: المؤذَّن: الْمُعْلِم بأوقات الصلاة، فَعِيل بمعنى مُفْعِل، قال الأزهريّ: يقال: أَذَّن المؤذن تأذينًا وأَذانًا: أي أعلم الناس بوقت الصلاة، فوُضِع الاسم موضع المصدر، قال: وأصله من الأَذَن، كأنه يُلْقي في آذان الناس بصوته ما يدعوهم إلى الصلاة. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (٢).

وقال في "الفتح": "الأذانُ": لغةً الإعلام، قال الله تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} الآية [التوبة: ٣]، واشتقاقه من الأَذَنِ - بفتحتين - وهو الاستماع، وشرعًا: الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. انتهى (٣).

وقال ابن قُدامة - رحمه الله -: الأذان: إعلام بوقت الصلاة، والأصل في الأذان الإعلام، قال الله عز وجل: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} أي إعلام، و {آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنبياء: ١٠٩] أي أعلمتكم، فاستوينا في العلم، وقال الحارث بن حلّزة [من الخفيف]:

آذَنَتْنَا بِبَيْنِهَا أَسْمَاءُ … رُبَّ ثَاوٍ يُمَلُّ مِنْهُ الثَّوَاءُ

أي أعلمتنا، والأذان الشرعيّ: هو اللفظ المعلوم المشروع في أوقات الصلوات للإعلام بوقتها. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب.

(المسألة الثانية): قال القاضي عياض - رحمه الله -: (اعلم): أن الأذان كلام جامعٌ لعقيدة الإيمان، مشتملٌ على نوعه من العقليات والسمعيات، فأوله إثبات


(١) "المصباح المنير" (١/ ١٠.
(٢) "المجموع شرح المهذّب" ٣/ ٨٠ - ٨١.
(٣) "الفتح" ٢/ ٩٢.
(٤) "المغني"١/ ٤١٣.