عن أبي قلابة، عن أنس، قال:"أُمر بلالٌ أن يشفع الأذان، وأن يوتر الإقامة إلا الإقامة".
فقال في "الفتح": ادَّعَى ابنُ منده أن قوله: "إلا الإقامة" من قول أيوب غيرُ مسند، كما في رواية إسماعيل بن إبراهيم، وأشار إلى أن في رواية سماك بن عطية هذه إدراجًا، وكذا قال أبو محمد الأصيليّ: قوله: "إلا الإقامة" هو من قول أيوب، وليس من الحديث، وفيما قالاه نظر؛ لأن عبد الرزاق رواه عن معمر، عن أيوب بسنده متصلًا بالخبر مُفَسَّرًا، ولفظه:"كان بلال يُثَنِّي الأذان، ويوتر الإقامة إلا قوله: قد قامت الصلاة"، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه"، والسراج في "مسنده"، وكذا هو في مُصَنَّف عبد الرزاق، وللإسماعيليّ من هذا الوجه:"ويقول: قد قامت الصلاة" مرتين، والأصل أن ما كان في الخبر فهو منه حتى يقوم دليل على خلافه، ولا دليل في رواية إسماعيل؛ لأنه إنما يتحصل منها أن خالدًا كان لا يذكُر الزيادة، وكان أيوب يذكرها، وكل منهما رَوَى الحديث عن أبي قلابة، عن أنس، فكان في رواية أيوب زيادة من حافظ فتُقْبَلُ، والله أعلم.
وقد استُشكِل عدم استثناء التكبير في الإقامة، وأجاب بعض الشافعية بأن التثنية في تكبيرة الإقامة بالنسبة إلى الأذان إفراد، قال النوويّ: ولهذا يُسْتَحبّ أن يقول المؤذن كل تكبيرتين بنفس واحد.
قال الحافظ: وهذا إنما يتأتى في أول الأذان، لا في التكبير الذي في آخره، وعلى ما قال النوويّ ينبغي للمؤذن أن يُفْرِد كل تكبيرة من اللتين في آخره بنفس، ويَظْهَر بهذا التقرير ترجيح قول من قال بتربيع التكبير في أوله على من قال بتثنيته، مع أن لفظ الشفع يتناول التثنية والتربيع، فليس في لفظ حديث الباب ما يخالف ذلك، بخلاف ما يوهمه كلام ابن بطال، وأما الترجيع في التشهدين فالأصح في صورته أن يشهد بالوحدانية ثنتين، ثم بالرسالة ثنتين، ثم يرجع فيَشْهَد كذلك، فهو وإن كان في العدد مُرَبَّعًا، فهو في الصورة مُثَنَّى، والله أعلم. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.