رواه؟ قلت: حيوة عن أبي صخرة، عن مكحول أنه سمع أبا هند، فكأنه لم يلتفت إلى ذلك، فقلت له: فواثلة بن الأسقع؟ فقال: من يرويه؟ قلت: حدثنا أبو صالح، حدثني معاوية بن صالح، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على واثلة، فكأنه أومى برأسه (١). وقال الترمذيّ: سمع مكحول من واثلة، وأنس، وأبي هند الداريّ، ويقال: إنه لم يسمع من واحد من الصحابة إلا منهم. وقال النسائي: لم يسمع من عنبسة. وقال يحيى بن حمزة عن أبي وهيب الكلاعي، عن مكحول: عَتَقْتُ بمصر، فلم أَدَع فيها علمًا إلا احتويت عليه فيما أَرَى، ثم أتيت العراق والمدينة والشام، فذكر كذلك. وقال ابن زَبْر عن الزهري: العلماء أربعة، فذكرهم، فقال: ومكحول بالشام. وقال يونس بن بُكير عن ابن إسحاق: سمعت مكحولًا يقول: طُفت الأرض كلها في طلب العلم. وقال أبو مسهر، عن سعيد بن عبد العزيز: كان سليمان بن موسى يقول: إذا جاء العلمُ من الشام عن مكحول قبلناه. وقال مروان بن محمد عن سعيد: لم يكن في زمان مكحول أبصر منه بالفتيا. وقال عثمان بن عطاء: كان مكحول أعجميًا، وكلُّ ما قال بالشام قُبِل منه. وقال ابن عمار: كان مكحول إمام أهل الشام. وقال العجلي: تابعي ثقة. وقال ابن خِراش: شامي صدوق، وكان يرى القدر. وقال مروان بن محمد، عن الأوزاعي: لم يبلغنا أن أحدًا من التابعين تكلم في القدر إلا هذين الرجلين: الحسن، ومكحول، فكشفنا عن ذلك، فإذا هو باطل. وقال أبو حاتم: ما أعلم بالشام أفقه من مكحول. وقال ابن سعد: قال بعض أهل العلم: كان مكحول من أهل كابُل، وكانت فيه لُكْنَة، وكان يقول بالقدر، وكان ضعيفًا في حديثه ورأيه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "وكان ضعيفًا في حديثه"، هذا مما لا يُقبل، فإن مكحولًا مُجْمَعٌ على توثيقه وجلالته، إلا أنه طُعِن في رأيه، ولكنه تبرأ منه، فماذا عليه؟. فتبصّر، والله تعالى أعلم.
وقال أبو داود: سألت أحمد: هل أَنكر أهل النظر على مكحول شيئًا؟
(١) بقية كلام أبي حاتم كما في "الجرح والتعديل" ٨/ ٤٠٨: كأنه قَبِل ذلك.