للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قدّمه؛ إظهارًا للعبوديّة، وتواضعًا للربوبيّة (وَرَسُولُهُ) قاله تحدّثًا بالنعمة، وفيهما إشارة إلى الردّ على اليهود والنصارى حيث يعتقدون الألوهيّة لبعض الأنبياء، والإضافة فيهما للاختصاص، قال القاري: والمراد بهما الفرد الكامل الموصوف بهما (رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا) منصوب على التمييز؛ أي من حيث ربوبيّته، وجميع قضائه وقدره، وقيل: منصوب على الحال، أي حال كونه مربّيًا، ومالكًا، وسيّدًا، ومصلحًا (وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا) أي بجميع ما أرسل به إلينا، وبلّغه لنا، من الأمور الاعتقاديّة وغيرها، وإعرابه كإعراب سابقه، وكذا ما بعده.

(وَبِالْإِسْلَامِ) أي بجميع أحكام الإسلام من الأوامر والنواهي (دِينًا) أي اعتقادًا، أو انقيادًا، وقال ابن الملك: جملة "رضيتُ. . . إلخ" استئنافيّة، يعني استئنافًا بيانيًّا، كأنه قيل: ما سبب شهادتك؟ فقال: "رضيت باللَّه. . . إلخ" (غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ) ببناء الفعل للمفعول، وهو جواب "من" الشرطيّة، قيل: المراد به الصغائر، قيل: هو يَحْتَمِل أن يكون إخبارًا، وأن يكون دعاء، والأول هو الظاهر المعوّل عليه، واللَّه تعالى أعلم.

[تنبيه]: قوله: "غُفر له ذنبه" ظاهره أنه يعمّ ما تقدّم وما تأخّر، وقد صرّح به في رواية أبي عوانة في "مسنده"، ولفظه: "غُفر له ما تقدّم من ذنبه، وما تأخّر، فقال له رجلٌ: يا سعد بن أبي وقّاص: ما تقدّم من ذنبه، وما تأخّر؟ قال: هكذا سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول". انتهى (١).

(قَالَ) محمد (ابْنُ رُمْحٍ) شيخه الأول في هذا السند (فِي رِوَايَتِهِ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: "وَأَنَا أَشْهَدُ") أي فزاد قوله: "وأنا" (وَلَمْ يَذْكُرْ قُتَيْبَةُ قَوْلَهُ: "وَأَنَا") بل اقتصر على قوله: "أشهد. . . إلخ"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.


(١) راجع: "مسند أبي عوانة" (١/ ٢٨٣ - ٢٨٤).