للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أنه (قَالَ: "إِنَّ الشَّيْطَانَ) "أل" فيه للعهد، والمراد شيطان الجنّ (إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ) أي إذا أذِّن لأجل الصلاة (أَحَالَ) أي ذهب وولّى هاربًا، قال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى أحال: تحوّل من موضعه، وقيل: هو بمعنى طَفِقَ، وأخذ، وتهيّأ لفعله. انتهى. (لَهُ ضُرَاطٌ) وفي نسخة: "وله ضراط" بالواو، والجملة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، و"الضُّرَاط" بالضمّ: اسم من ضَرِط يَضْرِطُ، من بابي تَعِبَ، وضَرَبَ، ضَرِطًا، مثل: كَتِفٍ، وفَخِذٍ (١)، وهو ريحٌ له صوتٌ، يخرُج من دُبُر الإنسان وغيره (٢). (حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ) علّة للضراط، أي إنما يفعل ذلك؛ ليشغل نفسه عن سماع الأذان؛ لئلا يشهد للمؤذّن يوم القيامة (فَإِدا سَكَتَ) أي المؤذّن عن أذانه بانتهائه منه (رَجَعَ) أي الشيطان (فَوَسْوَسَ) أي حدّثه بما لا ينفعه، قال في "القاموس": "الْوَسواس": الشيطان، و"الوسوسةُ": حديث الشيطانِ بما لا نفع فيه، ولا خير؛ كالوِسواس بالكسر، والاسم بالفتح، وقد وَسْوَس له، وإليه. انتهى (٣).

وقال في "المصباح": "الْوَسْوَاسُ": بالفتح اسم، من وَسْوسَت إليه نفسه: إذا حدّثته، وبالكسر مصدرٌ، وَوَسْوَسَ متعدّ بـ "إلى وقوله تعالى: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ} [الأعراف: ٢٠] اللام بمعنى "إلى فإن بُني للمفعول قيل: مُوَسْوَسٌ إليه، مثل {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} [الفاتحة: ٧]، و"الوَسْوَاس" بالفتح مرضٌ يَحْدُثُ من غلبة السَّوْداء، يَختلِط معه الذهن، ويقال لما يَخْطُرُ بالقلب من شَرّ، ولما لا خير فيه: وَسْوَاسٌ. انتهى (٤).

(فَإِذَا سَمِعَ) الشيطان (الْإِقَامَةَ ذَهَبَ حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ) الضمير للمقيم المفهوم من "الإقامة"، أي لئلا يسمع صوت المقيم (فَإِذَا سَكَتَ) المقيم عن الإقامة بانتهائه منها (رَجَعَ) الشيطان (فَوَسْوَسَ") وفي الرواية الآتية: "حتى


(١) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٣٦١.
(٢) "المنهل العذب المورود" ٤/ ١٧٥.
(٣) "القاموس المحيط" ٢/ ٢٥٧.
(٤) "المصباح المنير" ٢/ ٦٥٨.