وعبارة النوويّ في "شرحه": هذا دليل على مقارنة التكبير لهذه الحركات، وبسطه عليها، فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع، ويمدّه حتى يَصِلَ حد الراكعين، ثم يشرع في تسبيح الركوع، ويبدأ بالتكبير حين يشرع في الْهُوِيّ إلى السجود، ويمدّه حتى يضع جبهته على الأرض، ثم يشرع في تسبيح السجود، ويبدأ في قوله:"سمع اللَّه لمن حمده" حين يشرع في الرفع من الركوع، ويمدّه حتى ينتصب قائمًا، ثم يشرع في ذكر الاعتدال، وهو "ربنا لك الحمد. . . " إلى آخره، ويَشْرَع في التكبير للقيام من التشهد الأول حين يشرع في الانتقال، ويمدّه حتى ينتصب قائمًا، هذا مذهبنا، ومذهب العلماء كافّة إلَّا ما رُوي عن عمر بن عبد العزيز -رَحِمَهُ اللَّهُ-، وبه قال مالك: إنه لا يكبر للقيام من الركعتين حتى يستوي قائمًا، ودليل الجمهور ظاهر الحديث. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي الذي قاله النوويّ من أنه يمدّ التكبير حتى تتمّ الحركة ليس في حديث الباب ما يدلّ عليه، كما أشار إليه صاحب "الفتح" آنفًا، وإنما يدلّ على أن التكبير يقارن هذه الانتقالات، فيُستحبّ أن ينتقل من ركن إلى ركن مصاحبًا للذكر المسنون فيه، وأما أن يمدّه حتى يَصِل إلى الركن الذي يليه فمما لا دليل عليه، بل ربّما يؤدّي إلى إخراج الحرف عن المدّ المطلوب فيه، فتبصّر.
وقال الصنعانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "حاشية العمدة": ظاهر قوله: يُكبّر حين كذا، وحين كذا أن التكبير يقارن هذه الحركات، فيشرع في التكبير عند ابتدائه للركن، وأما القول بأنه يمدّ التكبير حتى يُتمّ الحركة، فلا وجه له، بل يأتي باللفظ من غير زيادة على أدائه، ولا نقصان عنه. انتهى.
وقال صاحب "المنهل": وعلى تسليم ما قاله النوويّ في مدّ التكبير إلى انتهاء حركات الانتقال، فينبغي للمصلّي أن يُسرع بحركات الانتقال، ويُراعي عدم مدّ لفظ الجلالة أزيد من حركتين، فإنه مدّ طبيعيّ، وقد اتّفق القرّاء على أنه لا يجوز مدّه أزيد من حركتين، خلافًا لبعضهم من مبالغتهم في هذا المدّ