للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأخرى أنه أقرب إلى الخشوع ومنعهما من العبث (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة:

قال الإمام أبو بكر بن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- ما حاصله: قد ثبت أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يأخذ شماله بيمينه إذا دخل في الصلاة، وكذا نقول.

وممن رأى أن توضع اليمنى على اليسرى في الصلاة: مالك بن أنس، وأحمد، وإسحاق، وحُكي ذلك عن الشافعيّ، وقال أصحاب الرأي: يُستحبّ أن يعتمد بيده اليمنى على اليسرى، وهو قائم في الصلاة.

وقد روينا عن غير واحد من أهل العلم أنهم كانوا يُرسلون أيديهم في الصلاة إرسالًا، ولا يجوز إغفال من أغفل استعمال السنّة، أو نسيها، أو لم يعملها حجةً على من علمها وعمل بها.

فممن روينا عنه أنه كان يرسل: عبد اللَّه بن الزبير، والحسن البصريّ، وإبراهيم النخعيّ، وابن سيرين، ورُوي أنّ سعيد بن جبير رأى رجلًا يصلي واضعًا إحدى يديه على الأخرى، فذهب ففرّق بينهما. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

وقال في "الفتح": هو قول الجمهور من الصحابة والتابعين، وهو الذي ذكره مالك في "الموطأ"، ولم يَحْك ابن المنذر وغيره عن مالك غيره، وروى ابن القاسم عن مالك الإرسال، وصار إليه أكثر أصحابه، وعنه التفرقة بين الفريضة والنافلة.

ومنهم من كره الإمساك، ونقل ابن الحاجب أن ذلك حيث يُمسك معتمدًا؛ لقصد الراحة. انتهى (٣).

وقال الحافظ أبو عمر بن عبد البرّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "التمهيد" (٢٠/ ٧٤): لم تَختلف الآثار عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الباب، ولا أعلم عن أحد من الصحابة في


(١) راجع: "شرح النوويّ" ٤/ ١١٥.
(٢) "الأوسط" ٣/ ٩٢ - ٩٣.
(٣) "الفتح" ٢/ ٤٦٤ - ٤٦٥.