قال الحافظ: هذه مجازفةٌ قبيحةٌ، مقتضاها أن يكون صالح بن كيسان وُلدَ قبل بِعْثة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وما أدري من أين وقع ذلك للحاكم؟ ولو كان طَلَبَ العلم كما حَدَّده الحاكم، لكان قد أَخَذَ عن سعد بن أبي وقّاص، وعائشة، وقد قال عليّ بن المدينيّ في "العلل": صالح بن كيسان لم يَلْقَ عقبة بن عامر، كان يروي عن رجل عنه، وقرأت بخط الذهبيّ: الذي يظهر لي أنه ما أكمل التسعين. انتهى كلام الحافظ (١)، وهو تحقيقٌ حسنٌ.
أخرج له الجماعة، وله في هذا الكتاب (٧٢) حديثًا.
٩ - (الزُّهْرِيُّ) محمد بن مسلم المذكور في السند الماضي.
[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنَّ رواية صالح بن كيسان عن الزهريّ من رواية الأكابر عن الأصاغر، وأن فيه ثلاثة من التابعين، يروي بعضهم عن بعض: صالح، عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيِّب. والله تعالى أعلم.
وقوله:(بهذا الإسناد) الإشارة إلى الإسناد الماضي، أي رواه معمر، وصالح كلاهما عن الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبيه - رضي الله عنه -.
وقوله:(مثله) منصوب على الحال، أي حال كون حديثهما مثل حديث يونس الماضي.
[تنبيه]: رواية معمر التي أحالها المصنف هنا ساقها الإمام البخاري، وأحمد، والنسائي، ولفظ البخاريّ: حدثنا محمود، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهريّ، عن ابن المسيب، عن أبيه، أن أبا طالب، لَمّا حضرته الوفاة، دخل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعنده أبو جهل، فقال:"أَيْ عَمّ قل: لا إله إلا الله، كلمةً أُحَاجُّ لك بها عند الله"، فقال أبو جهل: وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب تَرْغَب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه، حتى قال آخر شيء كلمهم به: على ملة عبد المطلب، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لأستغفرنّ لك، ما لم أُنْهَ عنه"، فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (١١٣)} [التوبة: ١١٣]، ونزلت:{إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}[القصص: ٥٦].