للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "أُقِرَّت. . . إلخ" أي قُرِنت، والباء بمعنى "مع"، أي قُرِنت مع البِرّ والزكاة، فصارت معهما مستويةً في أحكامهما وتأكيدهما، ويَحْتَمِل أن يُراد بالبرّ هنا المبرّة، وبالزكاة الطهارة، ويكون المعنى: أن من داوم على الصلاة بَرّ وتطهّر من الآثام، واللَّه أعلم. انتهى (١).

وقال ابن الأثير -رَحِمَهُ اللَّهُ-: معنى: "أُقرّت الصلاة بالبرّ والزكاة"، ورُوي "قَرّت": أي استقرّ معهما، وقُرنت بهما، يعني أن الصلاة مقرونة بالبرّ، وهو الصدق، وجِمَاعُ الخير، ومقرونة بالزكاة في القرآن مذكورة معها. انتهى (٢).

وقال في "المنهل": و"الْبِرّ" بالكسر: الخير، والزكاة: التطهير، والمراد أن الصلاة توجب لصاحبها الخير، والطهارة من الذنوب.

ويَحْتَمِل أن يكون "أُقِرّت" بمعنى أُثبِتت، من الإقرار، أي أُثبتت الصلاة مصاحبةً للخير، والطهارة من الذنوب. انتهى (٣).

(قَالَ) حطّان -رَحِمَهُ اللَّهُ-: (فَلَمَّا قَضَى أَبُو مُوسَى) الأشعريّ -رضي اللَّه عنه- (الصَّلَاةَ) أي أتمّها، وانتهى منها (وَسَلَّمَ انْصَرَفَ) أي رجع إلى الناس، وأقبل عليهم، وفي رواية النسائيّ: "فلما سلّم أبو موسى أقبل على القوم، فقال: أيّكم القائل هذه الكلمة؟ " (فَقَالَ) أبو موسى للقوم منكرًا عليهم هذا الكلام: (أَيُّكُمُ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا) أي قول الرجل: "أُقرّت الصلاة بالبرّ والزكاة"، وأطلق عليها الكلمة، مع أنها جملة -والجملة إنما يُطلق عليها الكلام لا الكلمة- مجازًا، كما في قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا} الآية [المؤمنون: ١٠٠]؛ إشارة إلى قوله تعالى: {رَبِّ ارْجِعُونِ} [المؤمنون: ٩٩]، وأشار إلى هذا في "الخلاصة" حيث قال:


(١) "المفهم" ٢/ ٣٦.
(٢) "النهاية" ٤/ ٣٧.
(٣) "المنهل العذب المورود" ٦/ ٨٠.