للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والمراد بآل إبراهيم ذريتُهُ، من إسماعيل، وإسحاق، كما جزم به جماعة من الشُّرّاح، وإن ثبت أن إبراهيم كان له أولاد من غير سارة وهاجر، فهم داخلون لا محالة، ثم إن المراد المسلمون منهم، بل المتَّقُون، فيدخل فيهم الأنبياء، والصديقون، والشهداء، والصالحون، دون من عداهم، وفيه ما تقدم في آل محمد.

[تنبيه]: اشتَهَرَ السؤال عن موقع التشبيه، مع أن المقرّر أن المشبَّه دون المشبَّه به، والواقع هنا عكسه؛ لأن محمدًا -صلى اللَّه عليه وسلم- وحده أفضل من آل إبراهيم، ومن إبراهيم، ولا سيما قد أضيف إليه آل محمد، وقضية كونه أفضل أن تكون الصلاة المطلوبة أفضل من كل صلاة حصلت أو تحصل لغيره، وأجيب عن ذلك بأجوبة، أحسنها عندي ما رجّحه القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "المفهم"، حيث قال: إن التشبيه إنما هو لأصل الصلاة بأصل الصلاة، لا للقدر بالقدر، فهو كقوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} [النساء: ١٦٣]، وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣]، وكقول القائل: أحسن إلى ولدك كما أحسنت إلى فلان، ويريد بذلك أصل الإحسان لا قدره، ومنه قوله تعالى: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: ٧٧]، وقد استوفيت بقيّة الأقوال بما لها وما عليها في "شرح النسائيّ"، فراجعه تستفد (١)، واللَّه تعالى وليّ التوفيق.

[فائدة]: قال العلّامة ابن الملقّن -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في إبراهيم خمس لغات: إبراهيم، وإبراهام، وإبراهِم، بضمّ الهاء، وفتحها، وكسرها من غير ياء، وجمعه براهم، وإبارة، ويجوز الواو والنون؛ لاجتماع الشروط فيه، قالوا: ومعناه: أبٌ رحيم.

قال الجواليقيّ وغيره: أسماء الأنبياء -صلوات اللَّه وسلامه عليهم- كلّها أعجميّةٌ، إلا محمدًا، وصالحًا، وشُعيبًا، وآدم -صلوات اللَّه وسلامه عليهم-.

وقال ابن قتيبة: وتحذف الألف من الأسماء الأعجميّة، كإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وإسرائيل؛ استثقالًا كما تُرك صرفها، وكذا سليمان،


(١) راجع: "ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" ١٥/ ١٣٤ - ١٤١.