للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دعاءه للميت والغائب؛ واستقلال الشيخ بذلك التأثير، أو فعله لما هو عاجز عنه، أو غير قادر عليه، أو غير قاصد له، من البدع المنكرات، والذي لا ريب فيه أن العمل بطاعة اللَّه تعالى، ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض، ونحو ذلك هو نافع في الدنيا والآخرة، وذلك بفضل اللَّه تعالى ورحمته. انتهى كلامه -رَحِمَهُ اللَّهُ- باختصار وتصرّف (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، فللَّه ما أدقّ نظره، وأعمق فكره.

(وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ) متعلّق بـ "صلّ"، أو بـ "بَارِكْ" على سبيل التنازع.

قال السخاويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: أشار بقوله: "في العالمين" إلى اشتهار الصلاة والبركة على إبراهيم في العالمين، وانتشار شرفه وتعظيمه، وأن المطلوب لنبيّنا -صلى اللَّه عليه وسلم- صلاة تُشبه تلك الصلاة، وبركة تُشبه تلك البركة في انتشارها في الخلق وشهرتها، وقد قال اللَّه تعالى: {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨) سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (٧٩)} [الصافات: ٧٨ - ٧٩].

وقال: المراد بـ "العالمين" فيما رواه أبو مسعود في حديثه: أصناف الخلق، وفيه أقوال أخرى، قيل: ما حواه بطن الفَلَك، وقيل: كل مُحْدَث، وقيل: ما فيه روح، وقيل: بقيد العقلاء، وهذان القولان في "المشارق"، وقيل: الإنس والجن فقط، حكاه المنذريّ، وحَكَى قولًا آخر: إنه الجنّ والإنس والملائكة والشياطين (٢).

(إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) أما "الحميد": فهو فَعِيل من الحمد، بمعنى محمود، وأبلغ منه، وهو مَنْ حَصَل له من صفات الحمد أكملها، وقيل: هو بمعنى الحامد، أي يَحْمَد أفعالَ عباده.

وأما "المجيد": فهو من المجد، وهو صفةُ مَن كَمُلَ في الشرف، وهو مستلزم للعظمة والجلال، كما أن الحمد يدلّ على صفة الإكرام.

ومناسبة ختم هذا الدعاء بهذين الاسمين العظيمين، أن المطلوب تكريم اللَّه لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وثناؤه عليه، والتنويه به، وزيادة تقريبه، وذلك مما يستلزم


(١) راجع: "مجموع الفتاوى" ٢٧/ ٩٥ - ٩٦.
(٢) راجع: "القول البديع" للسخاويّ ص (١٠٣).