للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال كعب: إن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال الحافظ: وقع ذلك صريحًا في رواية شَبَابة وعفان، عن شعبة، بلفظ: "قلت: بلى، قال"، أخرجه الخلعيّ في "فوائده"، وفي رواية عبد اللَّه بن عيسى المذكورة، ولفظه: "فقلت: بلى، فأهدها لي، فقال". انتهى (١).

(فَقُلْنَا) وفي رواية البخاريّ: "فقلنا: يا رسول اللَّه"، قال في "الفتح": كذا في معظم الروايات عن كعب بن عُجْرة: "قلنا" بصيغة الجمع، وكذا وقع في حديث أبي سعيد عند البخاريّ، ومثله في حديث أبي بُريدة عند أحمد، وفي حديث طلحة، عند النسائيّ، وفي حديث أبي هريرة، عند الطبريّ.

ووقع عند أبي داود، عن حفص بن عمر، عن شعبة، بسند حديث الباب: "قلنا، أو قالوا: يا رسول اللَّه" بالشك، والمراد الصحابة، أو من حضر منهم.

ووقع عند السراج، والطبرانيّ، من رواية قيس بن سعد، عن الحكم به: "أن أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قالوا".

وقال الفاكهانيّ: الظاهر أن السؤال صَدَر من بعضهم، لا من جميعهم، ففيه التعبير عن البعض بالكل، ثم قال: ويبعد جدًّا أن يكون كعب، هو الذي باشر السؤال منفردًا، فأتى بالنون التي للتعظيم، بل لا يجوز ذلك؛ لأن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أجاب بقوله: "قولوا"، فلو كان السائل واحدًا، لقال له: قل، ولم يقل: قولوا. انتهى.

وتعقّبه الحافظ، وأجاد، فقال: ولم يظهر لي وجه نفي الجواز، وما المانع أن يسأل الصحابيّ الواحد عن الْحُكْم، فيجيب -صلى اللَّه عليه وسلم- بصيغة الجمع؛ إشارةً إلى اشتراك الكلّ في الحكم؟ ويؤكِّده أن في نفس السؤال: "قد عَرَفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي؟ " كلها بصيغة الجمع، فدَلّ على أنه سأل لنفسه ولغيره، فحسن الجواب بصيغة الجمع، لكن الإتيان بنون العظمة في خطاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، لا يُظَنّ بالصحابيّ، فإن ثبت أن السائل كان متعددًا فواضح، وإن ثبت أنه كان واحدًا، فالحكمة في الإتيان بصيغة الجمع الإشارة إلى أن السؤال


(١) "الفتح" ١١/ ١٥٧.