للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (ومنها): ما قيل: إنه يُستَدَلّ به على أن الإمام لا يقول: "ربنا لك الحمد"، وعلى أن المأموم لا يقول: "سمع اللَّه لمن حمده"؛ لكون ذلك لم يُذْكَر في هذه الرواية، كما حكاه الطحاويّ، وهو قول مالك، وأبي حنيفة.

وتُعُقّب بأنه ليس فيه ما يدلّ على النفي؛ بل فيه أن قول المأموم: "ربنا لك الحمد" يكون عقب قول الإمام: "سمع اللَّه لمن حمده"، والواقع في التصوير ذلك؛ لأن الإمام يقول التسميع في حال انتقاله، والمأموم يقول التحميد في حال اعتداله، فقوله يقع عقب قول الإمام، كما في الخبر، وهذا الموضع يقرب من مسألة التأمين، كما سيأتي في الباب التالي من أنه لا يلزم من قوله: "إذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين" أن الإمام لا يُؤَمِّن بعد قوله: {وَلَا الضَّالِّينَ}، وليس فيه أن الإمام يُؤَمِّن، كما أنه ليس في هذا أنه يقول: "ربنا لك الحمد"، لكنهما مستفادان من أدلة أخرى صحيحة صريحة، كما سيأتي في التأمين، وقد ثبت في "الصحيحين" أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يجمع بين التسميع والتحميد، وهو إمامٌ، وقد قال: "صلّوا كما رأيتموني أصلّي".

وأما ما احتجوا به من حيث المعنى، من أن معنى: "سمع اللَّه لمن حمده" طلب التحميد، فيناسب حال الإمام، وأما المأموم، فتناسبه الإجابة بقوله: "ربنا لك الحمد"، ويقويه حديث أبي موسى الأشعريّ عند المصنّف وغيره، ففيه: "وإذا قال: سمع اللَّه لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، يسمع اللَّه لكم".

فجوابه: أن يقال: لا يدلّ ما ذكرتم على أن الإمام لا يقول: "ربنا ولك الحمد"؛ إذ لا يمتنع أن يكون طالبًا ومجيبًا، وهو نظير ما سيأتي في مسألة التأمين، من أنه لا يلزم من كون الإمام داعيًا والمأموم مُؤَمِّنًا أن لا يكون الإمام مُؤَمِّنًا، ويَقرُب منه ما تقدم البحث فيه في الجمع بين الحيعلة والحوقلة لسامع المؤذن.