للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وُلد بعد الفيل بست سنين على الصحيح، وكان رَبْعَةً، حسن الوجه، رقيق البشرة، عظيم اللحية، بعيد ما بين المنكبين، أسلم قديمًا، قال ابن إسحاق: كان أبو بكر مؤئفًا لقومه، فجعل يدعو إلى الإسلام مَن يَثِقُ به، فأسلم على يده فيما بلغني: الزبير، وطلحة، وعثمان، وزَوَّجَ النبي - صلى الله عليه وسلم - ابنته رُقَتة من عثمان، وماتت عنده في أيام بدر، فزوجه بعدها أختها أم كلثوم، فلذلك كان يلقب ذا النورين. وجاء من أوجه متواترة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَشّره بالجنة، وعَدّه من أهل الجنة، وشهد له بالشهادة. ورَوَى أبو خيثمة في "فضائل الصحابة" من طريق الضحاك، عن النَّزَّال بن سَبرَة قلنا لعلي: حَدِّثنا عن عثمان، قال: "ذاك امرؤ يُدْعَى في الملأ الأعلى ذا النورين. وجاء من طرُق كثيرة شهيرة صحيحة عن عثمان - رضي الله عنه - لَمّا أن حصروه انتشد الصحابةَ في أشياء، منها: تجهيزه جيش العسرة، ومنها مبايعة النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه تحت الشجرة لَمّا أرسله إلى مكة، ومنها شراؤه بئر رُومة، وغير ذلك.

وهو أول من هاجر إلى الحبشة، ومعه زوجته رُقيّة، وتخلف عن بدر لتمريضها، فكتب له النبي - صلى الله عليه وسلم - بسهمه وأجره، وتخلف عن بيعة الرضوان؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بعثه إلى مكة، فأُشيع أنهم قتلوه، فكان ذلك سبب البيعة، فضرب إحدى يديه على الأخرى، وقال: هذه عن عثمان. وقال ابن مسعود لَمّا بويع: بايعنا خيرنا ولم نَأْلُ. وقال علي - رضي الله عنه -: كان عثمان أوصلنا للرحم. وكذا قالت عائشة لما بلغها قتله: قتلوه، وإنه لأوصلهم للرحم، وأتقاهم للرب.

وكان سبب قتله أن أمراء الأمصار كانوا من أقاربه، كان بالشام كلها معاوية، وبالبصرة سعيد بن العاص، وبمصر عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح، وبخراسان عبد الله بن عامر، وكان مَنْ حَجّ منهم يشكو من أميره، وكان عثمان لَيّن العَرِيكة (١)، كثير الإحسان والحلم، وكان يستبدل بمعض أمرائه فيرضيهم، ثم يعيده بعدُ إلى أن رحل أهل مصر يشكون من ابن أبي سرح، فعزله وكتب له كتابًا بتولية محمد بن أبي بكر الصديق، فرضوا بذلك، فلما كانوا في أثناء الطريق رأوا راكبًا على راحلة، فاستخبروه، فأخبرهم أنه من عند عثمان


(١) أي: سَلِسَ الْخُلُق.