للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حتى إن للمسجد للَجّةً، ثم قال: إنما "آمين" دعاء، وكان ابن عمر -رضي اللَّه عنهما- إذا ختم "أم القرآن" قال: "آمين"، وروي ذلك عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، وبه قال عطاء، والأوزاعيّ، واختُلف فيه عن الأوزاعيّ، فحكى الوليد بن مسلم عنه أنه كان يرى الجهر بـ "آمين"، وحَكَى عنه الوليد بن يزيد (١) أنه قال: خمس يُخْفيهنّ الإمام، فذكر "آمين".

وقال أحمد: يجهر بـ "آمين"، وبه قال إسحاق، ويحيى بن يحيى، وسليمان بن داود، وأبو خيثمة، وأبو بكر بن أبي شيبة، وقال أبو هريرة، وهلال بن يساف: "آمين" اسم من أسماء اللَّه.

وكان أصحاب الرأي يرون أن يُخفي الإمام "آمين"، وقال سفيان الثوريّ: فإذا فرغت من قراءة فاتحة الكتاب، فقل: "آمين" تُخفيها. انتهى كلام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ- ملخّصًا (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أرجح الأقوال عندي قول من قال: باستحباب الجهر بـ "آمين"؛ لثبوته عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد أخرج أبو داود من حديث وائل بن حجر -رضي اللَّه عنه-، قال: صليت خلف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فجهر بـ "آمين"، وفي لفظ له: "ورفع بها صوته"، ورواه الترمذيّ، وحسّنه بلفظ: "ومدّ بها صوته"، وأخرجه الحاكم، وصحّحه.

وأما رواية شعبة في هذا الحديث: "وخَفَض بها صوته"، فهي خطأ خَطّأه فيها البخاريّ، وأبو زرعة، وغيرهما.

ولأبي داود، وابن ماجه من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- بإسناد جيّد مرفوعًا: "كان إذا قال: {وَلَا الضَّالِّينَ} قال: آمين، حتى يسمعها أهل الصف الأول، فيرتجّ بها المسجد".

وقد استوفيت البحث في هذه المسألة فيما كتبته على النسائيّ، فارجع إليه، تستفد علمًا جمًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) هكذا النسخة، والظاهر أنه مصحّف من "الوليد بن مَزْيَد"، فليُحرّر.
(٢) "الأوسط" ٣/ ١٣١ - ١٣٢.