وقوله: ("إِذَا قَالَ أَحَدُكُمْ: آمِينَ، وَالْمَلَاِئكَةُ فِي السَّمَاءِ: آمِينَ) وفي رواية البخاريّ: "وقالت الملائكة".
[تنبيه]: احتجّ الإمام البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بهذا الحديث على فضل التأمين، فترجم عليه، فقال: "باب فضل التأمين"، ووجه ذلك أنّ هذه الرواية مطلقة، غير مقيدة بحال الصلاة، قال ابن الْمُنَيِّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأَيُّ فضل أعظم من كونه قولًا يسيرًا، لا كلفة فيه، ثم قد ترتبت عليه المغفرة؟. انتهى.
وقال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ويؤخذ منه مشروعية التأمين لكل من قرأ الفاتحة، سواء كان داخل الصلاة أو خارجها؛ لقوله: "إذا قال أحدكم"، لكن في رواية مسلم من هذا الوجه: "إذا قال أحدكم في صلاته"، فيُحْمَل المطلق على المقيد، نعم في رواية همام عن أبي هريرة عند أحمد، وساق مسلم إسنادها: "إذا أَمّن القارئ فأمّنوا"، فهذا يُمكن حمله على الإطلاق، فيستحب التأمين إذا أمّن القارئ مطلقًا لكل من سمعه من مصلٍّ أو غيره، ويمكن أن يقال: المراد بالقارئ الإمام إذا قرأ الفاتحة، فإن الحديث واحدٌ اختَلَفت ألفاظه. انتهى (١).
قال الجامع عفا اللَّه عنه: تقدّم قريبًا أن التقييد هو الأظهر؛ لاتحاد الحديث، ويوضّح ذلك قوله في رواية سهيل، عن أبيه الآتية بعد حديث بلفظ: "إذا قال القارئ {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فقال من خلفه: آمين. . . " الحديث، فقد بيّن فيه أن المراد الإمام القارئ في الصلاة، فتأمّل، واللَّه تعالى أعلم.
(فَوَافَقَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى) وفي بعض النسخ: "فوافق أحدهما الآخر"، وتمام شرح الحديث، ومسائله تقدّمت قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.