للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَبْلَ مَا أَنِّثَ عُمْدَةً فَشَا … تَأنِيثُهُ كـ"إِنَهَا هِنْدٌ رَشَا"

والجملة المفسّرة هنا هي قوله: (لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ)، أي لا معبود بحق إلا الله سبحانه وتعالى (دَخَلَ الْجَنَّةَ) قال بعض المحقّقين: لا شكّ أن الإقرار باللساق ركن من أركان الإيمان في حقّ القادر عليه، فمن علم أن لا إله إلا الله، ولكنه أبي أن يقرّ بذلك بلسانه مع القدرة على النطق، فليس بمؤمن، فمثل هذا الحديث يجب حمله على العاجز عن النطق؛ لخرس، أو مرض، أو عدم مُهلة. انتهى.

وقال القرطبيّ رحمه الله تعالى في "المفهم": حقيقة العلم هي وُضُوح أمر ما، وانكشافه على غايته، بحيث لا يبقى له بعد ذلك غاية في الوضوح، ولا شكّ في أن من كانت معرفته بالله تعالى ورسوله كذلك، كان في أعلى درجات الجنّة، وهذه الحالة هي حالة النبيين والصّدّيقين، ولا يلزم فيمن لم يكن كذلك أن لا يدخُل الجنّة، فإن من اعتقد الحقّ، وصدّق به تصديقًا جازمًا لا شكّ فيه ولا ريب دخل الجنّة، كما قدّمناه، وكما دلّ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "من لَقِي الله، وهو يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله غير شاكّ فيهما دخل الجنّة"، وكما قال: "من كان آخر قوله: لا إله إلا الله دخل الجنّة"، فحاصل هذين الحديثين أن من لقي الله تعالى، وهو موصوف بالحالة الأولى والثانية دخل الجنّة، غير أن هناك فرقًا بين الدرجتين كما بين الحالتين، كما صرّحت به الآيات الواضحات، كقوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: ١١]، انتهى (١).

وسيأتي البحث في هذا مستوفًى في المسألة الثالثة، والرابعة - إن شاء الله تعالى -. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث عثمان - رضي الله عنه - هذا مما تفرّد به المصنّف، فلم يُخرجه البخاريّ.


(١) "المفهم" ١/ ١٩٦ - ١٩٧.