بكر -رضي اللَّه عنه- لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت، فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأشار إليه يأمره أن يصلّي، فرفع أبو بكر -رضي اللَّه عنه- يده، فحمد اللَّه، ثم رجع القهقرى وراءه حتى قام في الصف، وتقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصلّى للناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال:"يا أيها الناس، ما لكم حين نابكم شيء في الصلاة، أخذتم بالتصفيح؟ إنما التصفيح للنساء، من نابه شيء في صلاته، فليقل: سبحان اللَّه"، ثم التفت إلى أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، فقال:"يا أبا بكر، ما منعك أن تصلّي للناس حين أشرت إليك؟ " قال أبو بكر: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلّي بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى.
وأما حديث يعقوب بن عبد الرحمن فقد ساقه بتمامه أيضًا البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "صحيحه"، فقال:
(١٢٣٤) حدّثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعديّ -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بلغه أن بني عمرو بن عوف، كان بينهم شيء، فخرج رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُصلِح بينهم، في أناس معه، فحُبس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحانت الصلاة، فجاء بلال إلى أبي بكر -رضي اللَّه عنه-، فقال: يا أَبا بكر، إن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قد حُبِس، وقد حانت الصلاة، فهل لك أن تؤم الناس؟ قال: نعم إن شئت، فأقام بلال، وتقدم أبو بكر -رضي اللَّه عنه-، فكبّر للناس، وجاء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يمشي في الصفوف، حتى قام في الصفّ، فأخذ الناس في التصفيق، وكان أبو بكر -رضي اللَّه عنه- لا يلتفت في صلاته، فلما أكثر الناس التفت، فإذا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأشار إليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يأمره أن يصلّي، فرفع أبو بكر -رضي اللَّه عنه- يديه، فحمد اللَّه، ورجع القهقرى وراءه، حتى قام في الصفّ، فتقدم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فصلّى للناس، فلما فرغ أقبل على الناس، فقال:"يا أيها الناس، ما لكم جن نابكم شيء في الصلاة، أخذتم في التصفيق؟ إنما التصفيق للنساء، من نابه شيء في صلاته، فليقل: سبحان اللَّه، فإنه لا يسمعه أحدٌ حين يقول: سبحان اللَّه إلا التفت، يا أبا بكر، ما منعك أن تصلّي للناس، حين أشرت إليك؟ "، فقال أبو بكر -رضي اللَّه عنه-: ما كان ينبغي لابن أبي قحافة أن يصلّي بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. انتهى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.