للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يحصل في الصلاة في الجملة، لا في جميعها، والخلاف في ذلك عند الحنابلة أيضًا.

وأما قول ابن بطال: فإن قال قائل: فإن الخشوع فرض في الصلاة.

قيل له: بحسب الإنسان أن يُقْبِل على صلاته بقلبه ونيته، يريد بذلك وجه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-، ولا طاقة له بما اعترضه من الخواطر، فحاصل كلامه أن القدر المذكور هو الذي يجب من الخشوع، وما زاد على ذلك فلا.

وأنكر ابن الْمُنَيِّر إطلاق الفرضية، وقال: الصواب أن عدم الخشوع تابع لما يظهر عنه من الآثار، وهو أمر متفاوت، فإن أَثَّر نقصًا في الواجبات كان حرامًا، وكان الخشوع واجبًا، وإلا فلا. انتهى (١).

٢ - (ومنها): جواز الحلف باللَّه تعالى من غير ضرورة، لكن المستحب تركه إلا لحاجة، كتأكيد أمر، وتفخيمه، والمبالغة في تحقيقه، وتمكينه من النفوس، وعلى هذا يُحْمَل ما جاء في الأحاديث من الحلف، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢).

٣ - (ومنها): إثبات معجزة باهرة للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث جعله اللَّه تعالى يرى من خلفه كما يرى من أمامه، قال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "ألفيّة السيرة":

أَكْثَرُ الأَنْبِيَاءِ حَقًّا تَبَعَا … يَرَى وَرَاءَهُ كَقُدَّامٍ مَعَا

وهذه الرؤية كما أسلفنا على ظاهرها، وأن اللَّه تعالى جعله يُبصر من وراء ظهره، كما يُبصر من أمامه.

٤ - (ومنها): أنه ينبغي للإمام أن يُنَبِّه الناس على ما يتعلق بأحوال الصلاة، ولا سيما إن رأى منهم ما يخالف الأَوْلى، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٩٦٣] (٤٢٤) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قَالَ: "هَلْ تَرَوْنَ قِبْلَتِي هَا


(١) "الفتح" ١/ ٢٦٤ - ٢٦٥.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ١٥٠.