للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ) -رضي اللَّه عنه- (عَنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أنه (قَالَ: "أَقِيمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ) أي أكملوهما بمراعاة الطمأنينة والاعتدال، وفي رواية النسائيّ: "أتمّوا" بدل "أقيموا والإقامة هنا بمعنى الإحسان المتقدّم في قوله: "ألا تُحسن صلاتك" (فَوَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ بَعْدِي) أي بعد ظهري، كما أشار إليه بقوله: (وَرُبَّمَا قَالَ: مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي) تقدّم الكلام على معنى هذه الجملة في حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

قال في "الفتح": وأغرب الداوديّ الشارح، فحَمَل البعدية هنا على ما بعد الوفاة، يعني أن أعمال الأمة تُعْرَض عليه، وكأنه لم يتأمل سياق حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- حيث بَيَّنَ فيه سبب هذه المقالة، وحديثه وحديث أنس -رضي اللَّه عنه- في قضية واحدة، وهو مقتضى صنيع الشيخين في إيرادهما الحديثين في هذا الباب.

[فإن قيل]: ما الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته إياهم، دون تحذيرهم برؤية اللَّه تعالى لهم، وهو مقام الإحسان المبيّن في سؤال جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، كما تقدم في "كتاب الإيمان": "اعبُدِ اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"؟.

[أجيب]: بأن في التعليل برؤيته -صلى اللَّه عليه وسلم- لهم تنبيهًا على رؤية اللَّه تعالى لهم، فإنهم إذا أحسنوا الصلاة؛ لكون النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يراهم أيقظهم ذلك إلى مراقبة اللَّه تعالى، مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك، ولكونه يُبْعَث شهيدًا عليهم يوم القيامة، فإذا عَلِمُوا أنه يراهم، تحفظوا في عبادتهم؛ ليشهد لهم بحسن عبادتهم، أفاده في "الفتح" (١).

وقوله: (إِذَا رَكَعْتُمْ وَسَجَدْتُمْ") ظرف لـ "أراكم"، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- هذا متّفقٌ عليه.


(١) راجع: "الفتح" ٢/ ٢٦٥.