للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومما يبعده أيضًا إيراد الوعيد بالأمر المستقبل، وباللفظ الدالّ على تغيير الهيئة الحاصلة، ولو أريد تشبيهه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلًا: فرأسه رأس حمار.

قال: وإنما قلت ذلك؛ لأن الصفة المذكورة، وهي البلادة حاصلة في فاعل ذلك عند فعله المذكور، فلا يحسن أن يقال له: يُخْشَى إذا فعلت ذلك أن تصير بليدًا، مع أن فعله المذكور إنما نشأ عن البلادة.

وقال ابن الجوزي -رَحِمَهُ اللَّهُ- في الرواية التي عَبّر فيها بالصورة-: هذه اللفظة تَمنَع تأويل من قال: المراد رأس حمار في البلادة، ولم يبيِّن وجه المنع، قاله في "الفتح" (١)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج -رَحِمَهُ اللَّهُ- المذكور أولَ الكتاب قال:

[٩٦٩] (. . .) - (حَدَّثَنَا (٢) عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَا يَأْمَنُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَنْ يُحَوِّلَ اللَّهُ صُورَتَهُ فِي صُورَةِ حِمَارٍ").

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ) ابن عليّة الأسديّ مولاهم، أبو بشر البصريّ، ثقة ثبت [٨] (ت ١٩٣) (ع) تقدم في "المقدمة" ٢/ ٣.

٢ - (يُونُسُ) بن عُبيد بن دينار الْعَبديّ، أبو عُبيد البصريّ، ثقةٌ ثبتٌ فاضلٌ وَرعٌ [٥] (ت ١٣٩) (ع) تقدم في "المقدمة" ٦/ ٧٣.

والباقون تقدّموا قريبًا، فـ "عمرو الناقد" و"زهير" تقدّما قبل باب، والباقيان تقدّما في السند الماضي.

وقوله: (مَا يَأْمَنُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْإِمَامِ. . . إلخ) "ما"


(١) "الفتح" ٢/ ٢١٥ - ٢١٦.
(٢) وفي نسخة: "حدّثني".