للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حدّثنا ابن أبي عروبة، قال: حدّثنا قتادة، أن أنس بن مالك حدّثهم، قال: قال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم"، فاشتد قوله في ذلك، حتى قال: "لَيَنْتَهُنَّ عن ذلك، أو لَتُخْطَفَنَّ أبصارهم".

وقوله: "لَيُنْتَهَيَنَّ" كذا للمستملي، والحمويّ -بضم الياء، وسكون النون، وفتح المثناة والهاء والياء، وتشديد النون- على البناء للمفعول، والنون للتأكيد، وللباقين: "لَيَنْتَهُنَ" -بفتح أوله، وضم الهاء- على البناء للفاعل، قاله في "الفتح" (١).

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٧/ ٩٧١] (٤٢٨)، و (أبو داود) في "الصلاة" (٩١٢)، و (ابن ماجه) فيها (١٠٤٥)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٢/ ١٤٣)، و (أحمد) في "مسنده" (١٩٩٢١ و ١٩٩٦٠ و ٢٠٠٠٦ و ٢٠١٣٤)، و (الدارميّ) في "سننه" (١٢٦٨)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (٢/ ٢٠١)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٢/ ٤٠١)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٩٥٩)، واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان تحريم رفع الأبصار إلى السماء في الصلاة، وأما رفع البصر في الدعاء خارج الصلاة فمكروه؛ لمخالفته هدي النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقد ثبت في غير حديث أنه كان يستقبل القبلة في الدعاء، فلا ينبغي مخالفة هديه.

وأما رفعه في غير الدعاء فجائز؛ لأنه ثبت عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه كان يرفع بصره إلى السماء، كما في "الصحيحين" من حديث ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما- حين بات عند خالته ميمونة -رضي اللَّه عنها-، فقد أخبر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قام من الليل، فخرج، فنظر إلى السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآيات [آل عمران: ١٩٠]، وحديث بدء الوحي: "بينا أنا أمشي إذ سمعت من السماء صوتًا، فرفعت بصري، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسيّ. . . " الحديث، متّفقٌ عليه، وغير ذلك من الأحاديث التي تدلّ على أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرفع بصره إلى السماء، ولكن أكثر نظره كان إلى الأرض، كما ذكره الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "ألفيّة السيرة" بقوله:


(١) ٢/ ٢٧٣.