للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ: يزيد، عن بُسر.

٥ - (ومنها): أن فيه أبا هريرة -رضي اللَّه عنه- رأس المكثرين السبعة، روى (٥٣٧٤) حديثًا.

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أَيُّمَا امْرَأَةٍ) "أيّما" شرطيّة، جوابها قوله: "فلا تشهد" (أَصَابَتْ بَخُورًا) بفتح الباء الموحّدة، وضمّ الخاء المعجمة، وزان صَبُور: ما يُتبخّر به، والمراد به هنا ما ظهر ريحه (فَلَا) ناهية، ولذا جُزم بها قوله: (تَشْهَدْ) أي لا تحضر (مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ") أي لأن الليل مظنّة الفتنة، فالتخصيص بالعشاء الآخرة بمزيد التأكيد، أو لأن النساء يخرجن في العشاء الآخرة إلى المسجد، فنهاهنّ عن الحضور متطيّبات.

وقال الطيبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وخصّها بالذكر لأنها وقت الظَّلام وخلوّ الطرق، والعطر مُهيّج للشهوة، فلا يؤمن من المرأة حينئذ الفتنة، بخلاف الصبح عند إدبار الليل، وإقبال النهار، فحينئذ تنعكس القضية. انتهى (١).

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لعلّ التخصيص به؛ لأن الخوف عليهنّ في الليل أكثر، أو لأن عادتهنّ استعمال الْبَخُور في الليل لأزواجهنّ. انتهى.

وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فيه دليل على جواز قول الإنسان: العشاء الآخرة، وأما ما نُقِل عن الأصمعيّ أنه قال: من المحال قول العامّة: العشاء الآخرة؛ لأنه ليس لنا إلا عشاء واحدة، فلا توصف بالآخرة، فهذا القول غلطٌ؛ لهذا الحديث، وقد ثبت في "صحيح مسلم"، عن جماعات من الصحابة وصفها بالعشاء الآخرة، وألفاظهم بهذا مشهورة في هذه الأبواب التي بعد هذا. انتهى (٢)، وهو تحقيقٌ نفيسٌ، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) "الكاشف عن حقائق السنن" ٤/ ١١٣٠.
(٢) "شرح النوويّ" ٤/ ١٦٣ - ١٦٤.