للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فِي قَوْلِهِ -عزَّ وجلَّ-) أي في بيان سبب نزول قوله -عزَّ وجلَّ- ({وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}، قَالَتْ) عائشة -رضي اللَّه عنها- (أُنْزِلَ) بالبناء للمفعول، ونائب فاعله قوله: (هَذَا فِي الدُّعَاءِ) وفي نسخة: "أُنزلت هذه في الدعاء".

قال في "الفتح": هكذا أطلقت عائشة -رضي اللَّه عنها-، وهو أعمّ من أن يكون ذلك داخل الصلاة، أو خارجها، وقد أخرجه الطبريّ، وابن خزيمة، والعمريّ، والحاكم، من طريق حفص بن غياث، عن هشام، نزلت: "في التشهد"، ومن طريق عبد اللَّه بن شدّاد، قال: كان أعرابيّ من بني تميم إذا سَلَّم النبيّ -صلي اللَّه عليه وسلم- قال: اللهم ارزقنا مالًا وولدًا، ورَجّح الطبريّ حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، قال: لأنه أصحّ مخرجًا، ثم أسند عن عطاء، قال: يقول قوم: إنها في الصلاة، وقوم: إنها في الدعاء.

وقد جاء عن ابن عباس نحو تأويل عائشة، أخرجه الطبريّ من طريق أشعث بن سَوّار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: نزلت في الدعاء.

ومن وجه آخر، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما- مثله، ومن طريق عطاء، ومجاهد، وسعيد، ومكحول مثله، ورَجّح النوويّ وغيره قول ابن عباس، كما رجّحه الطبريّ (١).

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: لكن يَحْتَمِل الجمع بينهما بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة، وقد رَوَى ابن مردويه من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا صلّى عند البيت رفع صوته بالدعاء، فنَزَلت. انتهى (٢).

وقيل: الآية في الدعاء، وهي منسوخة بقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأعراف: ٥٥]. انتهى (٣)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.


(١) لكن الذي في "شرح النووي" أن الطبريّ رجّح كون الآية نزلت في الدعاء، والظاهر أنه غلط، فإن الذي في تفسير الطبريّ ترجيح قول ابن عبّاس -رضي اللَّه عنهما-، راجع: "تفسير الطبريّ" ١٧/ ٥٨٨.
(٢) "الفتح" ٨/ ٢٥٨.
(٣) "الفتح" ٨/ ٢٥٨.