للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلى أن قال:

وَجُمْلَةُ الْحَالِ سِوَى مَا قُدِّمَا … بِوَاوٍ أَوْ بِمُضْمَرٍ أَوْ بِهِمَا

وقوله: (مِمَّا يُطَوِّلُهَا) "من" تعليليّة، و"ما" مصدريّة؛ أي من أجل تطويله الصلاة بنا، ولفظ النسائيّ: "يطوّلها" بحذف"مما".

والحديث دليلٌ ظاهرٌ لاستحباب تطويل الركعة الأولى من صلاة الظهر؛ تكثيرًا للجماعة.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قد ثبت في أحاديث أُخَر في غير هذا الباب، وهي في "الصحيحين" "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أخفّ الناس صلاةً في تمام"، وأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إني لأدخل في الصلاة، أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي، فأتجوَّز في صلاتي؛ مخافةَ أن تُفْتَن أمه".

قال العلماء: كانت صلاة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تَخْتَلِف في الإطالة والتخفيف باختلاف الأحوال، فإذا كان المأمومون يؤثرون التطويل، ولا شغل هناك له ولا لهم طَوَّل، وإذا لَمْ يكن كذلك خَفَّف، وقد يريد الإطالة، ثم يَعْرِض ما يقتضي التخفيف، كبكاء الصبي ونحوه، وينضم إلى هذا أنه قد يدخل في الصلاة في أثناء الوقت فيخفِّف.

وقيل: إنما طَوَّل في بعض الأوقات، وهو الأقل، وخَفَّف في معظمها، فالإطالة لبيان جوازها، والتخفيف لأنه الأفضل، وقد أمر -صلى اللَّه عليه وسلم- بالتخفيف، وقال: "إن منكم منفِّرين، فأيُّكم صلّى بالناس فليخفِّف، فإن فيهم السقيمَ والضعيفَ وذا الحاجة".

وقيل: طَوَّل في وقت، وخفف في وقت؛ ليبيّن أن القراءة فيما زاد على الفاتحة لا تقدير فيها من حيث الاشتراط، بل يجوز قليلها وكثيرها، وإنما المشترط الفاتحة، ولهذا اتفقت الروايات عليها، واختُلِف فيما زاد.

وعلى الجملة: السنّة التخفيف، كما أمر به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- للعلة التي بَيَّنَها، وإنما طَوَّل في بعض الأوقات؛ لتحققه انتفاء العلة، فإن تَحَقَّق أحدٌ انتفاءَ العلة طَوَّل. انتهى كلام النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).


(١) "شرح النوويّ" ٤/ ١٧٦.