قريبًا (رَجُلٌ) بالرفع على الفاعليّة لـ "غلب"، وقوله:(قَدْ سَمَّاهُ) هذا قول شعبة، والضمير المرفوع للحكم، والمنصوب لـ "رجلٌ"، أي سمّى الحكم أي عيّن اسم ذلك الرجل، ويأتي في الرواية التالية تسميته بمطر بن ناجية (زَمَنَ ابْنِ الْأَشْعَثِ) بنصب "زمن" على الظرفيّة، وهو متعلّق بـ "غَلَب".
و"ابن الأشعث" هذا هو عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس الْكِنديّ، الأمير متولّي سِجِستان، بعثه الحجاج على سِجِستان، فثار هناك، وأقبل في جمع كبير، وقام معه علماء وصلحاء للَّه تعالى، لِمَا انتَهَك الحجاج من إماتة وقت الصلاة، ولجوره وجبروته، فقاتله الحجاج، وجَرَى بينهما عِدّة مُصافّات، وينتصر ابن الأشعث، ودام الحرب أشهرًا، وقُتِل خلق من الفريقين، وفي آخر الأمر انهزم جمع ابن الأشعث، وفَرّ هو إلى الملك رُتْبِيل ملتجئًا إليه، فقال له علقمة بن عمرو: أخاف عليك، وكأني بكتاب الحجاج قد جاء إلى رُتْبيل يُرْغِبه ويُرْهِبه، فإذا هو قد بَعَث بك، أو قتلك، ولكن ها هنا خمسمائة مقاتل، قد تبايعنا على أن ندخل مدينة نَتَحَصَّن بها، ونقاتل حتى نُعْطَى أمانًا، أو نموت كرامًا، فأبى عليه، وأقام الخمسمائة حتى قَدِمَ عُمارة بن تميم، فقاتلوه حتى أَمَّنَهم، ووَفَى لهم، ثم تتابعت كتب الحجاج إلى رُتْبيل بطلب ابن الأشعث، فبَعَثَ به إليه على أن تَرْك له الْحمل (١) سبعة أعوام، وقيل: إن ابن الأشعث أصابه السِّلّ فمات، فقُطِع رأسه، ونَفِذ إلى الحجاج، وقيل: إن الحجاج كَتَب إلى رُتْبيل: إني قد بعثت إليك عُمَارة في ثلاثين ألفًا يطلبون ابن الأشعث، فأبى أن يُسَلِّمه، وكان مع ابن الأشعث عُبيد بن أبي سُبيع، فأرسله إلى رُتْبيل، فَخَفّ على رتبيل، واختَصّ به، قال لابن الأشعث أخوه القاسم: لا آمن غَدْر رُتبيل، فاقتله، يعني عُبيدًا، فَهَمّ به، فَفَهِم ذلك، وخاف، فوَشَى به إلى رُتبيل، وخَوَّفه من غائلة الحجاج، وهَرَب سرًّا إلى عُمَارة، فاستعجل في ابن الأشعث ألف ألف درهم، فكَتَب بذلك عمارة إلى الحجاج، فكتب: أن أعط عُبيدة، ورُتبيل ما طَلَبا، فاشترط أمورًا، فأعطيها، وأرسل إلى ابن الأشعث، وإلى ثلاثين من أهل بيته، وقد هيأ لهم القيود والأغلال، فقَيَّدهم،
(١) هكذا النسخة، ولعل المعنى ترك حمل الجزية إلى الحجّاج، واللَّه تعالى أعلم.