٢ - (ومنها): الحثّ على تعظيم الربّ عزَّ وجلَّ في حال الركوع بأنواع التسبيح والتقديس، والتمجيد، وقد ذَكَر المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- بعد هذا الأذكار التي تقال في الركوع والسجود.
وقال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: استحبّ الشافعي وغيره من العلماء أن يقول في ركوعه: "سبحان ربي العظيم"، وفي سجوده:"سبحان ربي الأعلى"، ويكَرِّر كل واحدة منهما ثلاث مرات، ويضُمّ إليه ما جاء في حديث عليّ -رضي اللَّه عنه- الذي ذكره مسلم بعد هذا:"اللهم لك ركعت، اللهم لك سجدت. . . " إلى آخره، وإنما يستحب الجمع بينهما لغير الإمام، وللإمام الذي يَعلم أن المأمومين يؤثرون التطويل، فإن شكّ لم يَزِد على التسبيح، ولو اقتصر الإمام والمنفرد على تسبيحة واحدة، فقال:"سبحان اللَّه" حَصَلَ أصل سنة التسبيح، لكن ترك كمالها وأفضلها.
٣ - (ومنها): أن فيه الحثّ على الدعاء في السجود؛ لكونه حالةً يستجاب فيها الدعاء؛ لكون العبد فيه أقرب إلى اللَّه تعالى، فقد أخرج المصنّف عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد، فأكثروا الدعاء"(١).
فيستحبّ أن يجمع في سجوده بين الدعاء والتسبيح، وستأتي الأحاديث الواردة فيه -إن شاء اللَّه تعالى-.
٤ - (ومنها): بيان أن الوحي انقطع بموت النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فليس بعده شيءٌ يَستدلّ به الناس على الأمور الغيبيّة إلا الرؤيا التي يراها المسلم، أو تُرى له. وأخرج الترمذيّ عن أنس بن مالك -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إن الرسالة والنبوة قد انقطعت، فلا رسول بعدي، ولا نبيّ"، قال: فشقّ ذلك على الناس، فقال:"لكن المبشرات"، قالوا: يا رسول اللَّه، وما المبشرات؟ قال:"رؤيا المسلم، وهي جزء من أجزاء النبوة"، قال الترمذيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا حديث حسن صحيح.