للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هشام؟ لعله جاء فاستأذن عليها، فأذنت له أحسبه قال: ولم يعلم.

وذكر في "الميزان" عن أبي قلابة الرقاشيّ، حدّثني أبو داود سليمان بن داود، قال: قال يحيى القطّان: أشهد أن محمد بن إسحاق كذّاب، قلت: وما يُدريك؟ قال: قال لي وُهيب، فقلت لوهيب: وما يُدريك؟ قال: قال لي مالك بن أنس، فقلت لمالك: وما يُدريك؟ قال: قال لي هشام بن عروة، قال: قلت لهشام بن عروة: وما يدريك؟ قال: حدّث عن امرأتي فاطمة بنت المنذر، وأُدخِلَت عليّ وهي بنت تسع، وما رآها رجلٌ حتى لقيت اللَّه تعالى.

قال الحافظ الذهبيّ: قد أجبنا عن هذا، والرجل فما قال: إنه رآها، أفبمثل هذا يُعتَمد على تكذيب رجل من أهل العلم؟ هذا مردود، ثم قد روى عنها محمد بن سُوقة، ولها رواية عن أم سلمة، وجدّتها أسماء، ثم ما قيل من أنها أُدخلت عليه وهي بنت تسع غلطٌ بَيِّنٌ، ما أدري ممن وقع من رواة الحكاية، فإنها أكبر من هشام بثلاث عشرة سنة، ولعلها ما زُفّت إليه إلا وقد قاربت بضعًا وعشرين سنة، وأخذ عنها ابن إسحاق، وهي بنت بضع وخمسين سنة، أو أكثر. انتهى (١).

وقال في "سير أعلام النبلاء" بعد ذكره الحكاية ما نصّه: قلت: معاذ اللَّه أن يكون يحيى وهؤلاء بَدَا منهم هذا بناءً على أصل فاسد واهٍ، ولكنّ هذه الخرافة من صَنْعَة سليمان، وهو الشاذكونيّ -لا صبّحه اللَّه بخير- فإنه مع تقدّمه في الحفظ متّهمٌ بالكذب، وانظر كيف قد سلسل الحكاية، ويُبيّن لك بطلانها أن فاطمة بنت المنذر لما كانت بنت تسع سنين لم يكن زوجها هشام خُلِق بعدُ، فهي أكبر منه ببضع عشرة سنة، وأسند منه، فإنها روت كما ذكرنا عن أسماء بنت أبي بكر، وصحّ أن ابن إسحاق سمع منها، وما عَرَف بذلك هشام، أفبمثل هذا القول الواهي يُكذّب الصادق؟ كلّا واللَّه، نعوذ باللَّه من الهوى والمكابرة، ولكن صَدَق القاضي أبو يوسف إذ يقول: من تتبّع غريب الحديث كُذِّب، وهذا من أكبر ذنوب ابن إسحاق، فإنه كان يكتب عن كلّ أحد، ولا يتورّع سامحه اللَّه. انتهى كلام الذهبيّ (٢).


(١) "ميزان الاعتدال" ٣/ ٤٧١.
(٢) "سير أعلام النبلاء" ٧/ ٤٩ - ٥٠.