للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون تقدّموا قبله.

وقوله: (الْجَبْهَةِ) بالجرّ بدلٌ من "سبعة"، أو عطف بيان له، وما بعدها عطف عليها، ويَحْتَمل النصب على أنه مفعول لفعل محذوف، أي أعني الجبهةَ. . . إلخ.

وقوله: (وَأَشَارَ بيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ) معترضة بين المتعاطفات، قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على أن الجبهة الأصل في السجود، وأن الأنف تبع له، وقد اختلف العلماء فيمن اقتصر على أحدهما دون الآخر على ثلاثة أقوال: الإجزاءُ، ونفيه، والتفرقةُ، فإن اقتصر على الجبهة أجزأ، وإن اقتصر على الأنف لم يُجزه، وهو مشهور مذهبنا -يعني المالكيّة- وقد سوّى في هذا الحديث في الأمر بكيفية السجود بين الوجه واليدين والركبتين والقدمين، فدلّ هذا الظاهر على أن من أخلّ بعضو من تلك الأعضاء مع تمكّنه من ذلك، لم يفعل السجود المأمور به. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الذي قرّر القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- أخيرًا هو الحقّ الذي لا محيد عنه، ولا التفات إلى ما يغايره.

وحاصله أن الحديث نصّ في استواء هذه الأعضاء السبعة في وجوب السجود عليها، فلا يجوز الإخلال ببعضها مع الاستطاعة، فمن قال بتفريق بعضها عن بعض في الحكم، فأجاز السجود مع ترك بعضها، فقد خالف النصّ، فلا يجوز تقليده، واللَّه تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (وَالْيَدَيْنِ) المراد به الكفّان كما تقدّم في الرواية الأولى.

وقوله: (وَالرِّجْلَيْنِ) المراد به الركبتان، كما في الرواية الأخرى.

وقوله: (وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ) أي بأن تُجعل قائمتين على بطون أصابعهما، وعقباه مرتفعتان، فيستقبل بظهور قدميه القبلة (٢).

وقوله: (وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ) وفي نسخة: "ولا أكفت الثياب والشعر"، و"نَكْفِت" بفتح النون، وسكون الكاف، وكسر الفاء، آخره مثنّاة فوقيّة، وروي بالنصب عطفًا على المنصوب السابق، وهو "أسجُدَ"، أي أمرت أن لا نكفت،


(١) "المفهم" ٢/ ٩٤.
(٢) "المرعاة" ٣/ ٢٠٤.