قال الجامع عفا اللَّه عنه: قد تحصّل من مجموع ما سبق أن لآخرة الرحل ثماني لغات: آخرةٌ كقائمةٍ، وآخرٌ كقائمٍ، ومُؤَخَّرٌ، ومُؤَخَّرَةٌ، بصيغة اسم المفعول المضعَّف، كمُعَظَّمٍ ومُعَظَمَةٍ، وَمُؤَخِّرٌ، ومؤَخِّرَةٌ، بصيغة اسم الفاعل المضعّف، كمُعَلِّمٍ، ومُعَلِّمَةٍ، ومُؤْخِرٌ، ومُؤْخِرَةٌ، بصيغة اسم الفاعل المخفّف، كمُؤْمِنٍ ومُؤْمِنَةٍ، وأفصحها آخرةٌ.
ومعناه: العُودُ الذي يستند إليه الراكب من كُور البعير، قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: اعتبَرَ الفقهاء مُؤْخِر الرحل في مقدار أقلّ السترة، واختَلَفُوا في تقديرها، فقيل: ذراع، وقيل: ثلثا ذراع، وهو أشهر، لكن في مصنّف عبد الرزّاق عن نافع أن مؤخرة رحل ابن عمر كانت قدر ذراع، وقال النوويّ: في هذا الحديث بيان أن أقلّ السترة مؤخرة الرحل، وهي قدر عظم الذراع، وهو نحو ثلثي ذراع، ويحصُل بأي شيء أقامه بين يديه، قال: وليس في هذا الحديث دليلٌ على بطلان الخطّ. انتهى.
قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الحديث، وإن لم يدلّ على بطلان الخطّ إلا أن الخطّ لا يصحّ حديثه، فلا ينبغي أن يفعله المصلّي، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.
(فَلْيُصَلِّ، وَلَا يُبَالِي) بإثبات الياء، فـ "لا" نافية، ولذا رفع الفعل بعدها، وفي بعض النسخ بحذف الياء، وعليه فـ "لا" ناهية، جُزم بها الفعل، والفاعل ضمير "أحدكم".
قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وقولهم: لا أباليه، ولا أبالي به: أي لا أهتمّ به، ولا أكْتَرِثُ له، ولم أبال، ولم أُبَلْ للتخفيف، كما حذفوا الياء من المصدر، فقالوا: لا أباليه بَالَةً، والأصلُ باليَةً، مثلُ عافاه مُعافاةً وعافيةً، قالوا: ولا يُستعمل إلا مع الْجَحْد، والأصل فيه قولهم: تبَالَى القومُ: إذا تبادروا إلى الماء القليل، فاستَقَوا، فمعنى "لا أبالي": لا أُبادر إهمالًا له. انتهى كلام الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
(مَنْ مَرَّ وَرَاءَ ذَلِكَ") "من" موصولة في محلّ نصب على المفعوليّة،