(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) -رضي اللَّه عنهما- (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَانَ إِذَا خَرَجَ يَوْمَ الْعِيدِ) أي لأجل أداء صلاة العيد في الصحراء؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- يصلّي العيد خارج المسجد (أَمَرَ بِالْحَرْبَةِ) أي أمر خادمه بحمل الحربة، وهي -بفتح الحاء المهملة، وسكون الراء-: دون الرُّمح، عَريضة النَّصْل.
وفي رواية للبخاريّ في "العيدين" من طريق الأوزاعيّ، عن نافع:"كان يغدو إلى المصلَّى، والْعَنَزَة تُحْمَل، وتُنْصَب بين يديه، فيصلي إليها"، زاد ابن ماجه، وابن خزيمة، والإسماعيليّ:"وذلك أن المصلَّى كان فَضَاءً، ليس فيه شيء يستره".
(فَتُوضَعُ) أي تلك الحَرْبة (بَيْنَ يَدَيْهِ) أي أمام النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (فَيُصَلِّي إِلَيْهَا) أي إلى تلك الحربة؛ لتستره عن المارّة، وفيه مشروعيّة اتّخاذ السترة للمصلّي، وفي تعبيره بـ "كان" دلالةٌ على أنه كان يلازم ذلك.
(وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ) جملة اسميّة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، والرابط الواو والضمير، ويَحْتَمل أن يكون "الناس" معطوفًا على الفاعل الضمير؛ للفصل بالجارّ والمجرور، كما قال في "الخلاصة":
(وَكَانَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- (يَفْعَلُ ذَلِكَ) أي الأمر بالحربة، ونصبها بين يديه، والصلاة إليها، وذلك حيث لا يكون جدار هنا (فِي السَّفَرِ) أي في حال خروجه من بيته للغزو، أو للنسك، يعني أن حمل الحربة، ونصبها عند الصلاة ليس مختصًّا بيوم العيد (فَمِنْ ثَمَّ) -بفتح الثاء المثلّثة، وتشديد الميم- أي من أجل ذلك (اتَّخَذَهَا الْأُمَرَاءُ) أي أمر الأمراء خَدَمهم باتّخاذ الحربة، يُخرج بها بين أيديهم في العيد ونحوه، والضمير في "اتَّخذها" يَحْتَمِل عوده إلى الحربة التي اتّخذها النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، يعني أن الأمراء كانوا يداولونها واحدًا بعد واحد، ويَحْتَمِلُ أن يعود إلى جنس الحربة، فيكون فيه استخدام (١).