للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[أحدها]: قول الزهريّ: إن هذه الرخصة كانت قبل نزول الفرائض والحدود، وسيأتي ذلك عنه في حديث عثمان في الوضوء، واستبعده غيره من أن النسخ لا يدخل الخبر، وبأن سماع معاذ لهذه كان متأخرًا عن أكثر نزول الفرائض، وقيل: لا نسخَ، بل هو على عمومه، ولكنه مُقَيَّد بشرائط، كما تُرَتَّب الإحكام على أسبابها المقتضية المتوقفة على انتفاء الموانع، فإذا تكامل ذلك عَمِلَ المقتضي عمله، وإلى ذلك أشار وهب بن منبه بقوله المتقدم في "كتاب الجنائز" في شرح "إنّ لا إله إلَّا الله مفتاح الجَنَّة" ليس من مفتاح إلَّا وله أسنان، وقيل: المراد ترك دخول نار الشرك، وقيل: ترك تعذيب جميع بدن الموحدين؛ لأن النار لا تُحْرِق مواضع السجود، وقيل: ليس ذلك لكل مَنْ وَحَّدَ وعَبَدَ، بل يختص بمن أخلص، والإخلاص يقتضي تحقيق القلب بمعناها، ولا يُتَصَوَّر حصول التحقيق مع الإصرار على المعصية؛ لامتلاء القلب بمحبة الله تعالى وخشيته، فتنبعث الجوارح إلى الطاعة، وتَنْكَفُّ عن المعصية انتهى مُلَخَّصًا (١).

وسيأتي بعد ثلاثة أحاديث حديث أنس عن معاذ - رضي الله عنهما -، نحو هذا الحديث، وفي آخره: "قال: يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس؟ فيستبشروا، قال: "إذًا يتكلوا"، فأخبر بها معاذٌ عند موته تَأَثُّمًا، أي خروجًا من إثم كتمان العلم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى):

حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - هذا من رواية عمرو بن ميمون عنه، متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه.

أخرجه المصنف هنا في "الإيمان" [١١/ ١٥١] (٤٩) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن أبي الأحوص سلام بن سُليم، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن معاذ - رضي الله عنه -.


(١) راجع: "الفتح الباري" للحافظ ابن حجر ١١/ ٤١٣ "كتاب الرقاق" رقم (٦٥٠٢).