للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥ - (ومنها): أنه في المنازعات ينبغي رفع الحكم إلى الحاكم، ولا ينتقم الخصم بنفسه، هكذا قيل (١).

٦ - (ومنها): أن رواية العدل مقبولة، وإن كان الراوي لها منتفعًا بها، فإن أبا سعيد -رضي اللَّه عنه- حدّث بالحديث؛ احتجاجًا على ما فعله بالشابّ.

٧ - (ومنها): أن ابن أبي جمرة: استنبط من قوله: "فإنما هو شيطان" أن المراد بقوله: "فليقاتله" المدافعة اللطيفة، لا حقيقة القتال، قال: لأن مقاتلة الشيطان إنما هي بالاستعاذة، والتستر عنه بالتسمية ونحوها، وإنما جاز الفعل اليسير في الصلاة للضرورة، فلو قاتله حقيقة المقاتلة لكان أشدّ على صلاته من المارّ.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: ما قاله ابن جمرة: فيه نظرٌ، بل الأولى حمل المقاتلة على حقيقتها، كما هو صريح الحديث، وفهمه الصحابيّ الراوي له -رضي اللَّه عنه-، واللَّه تعالى أعلم.

قال: وهل المقاتلة لخلل يقع في صلاة المصلي من المرور، أو لدفع الإثم عن المارّ؟ الظاهر الثاني. انتهى.

وقال غيره: بل الأول أظهر؛ لأن إقبال المصلي على صلاته أولى له من اشتغاله بدفع الإثم عن غيره.

وقد رَوَى ابن أبي شيبة، عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-: "إن المرور بين يدي المصلي يقطع نصف صلاته".

ورَوَى أبو نعيم، عن عمر -رضي اللَّه عنه-: "لو يعلم المصلي ما ينقص من صلاته بالمرور بين يديه، ما صلى إلا إلى شيء يستره من الناس".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فهذان الأثران مقتضاهما أن الدفع لخلل يتعلق بصلاة المصلي، ولا يختص بالمارّ، وهما وإن كانا موقوفين لفظًا، فحكمهما حكم الرفع؛ لأن مثلهما لا يقال بالرأي. انتهى (٢)، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "عمدة القاري" ٤/ ٤٢٨.
(٢) "الفتح" ١/ ٦٩٥ - ٦٩٦.