للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجملة ما رواه المصنّف للأشعث اثنا عشر حديثًا، وللأسود حديثان فقط، كما مرّ آنفًا، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ) - رضي الله عنه - أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ؟ "، قَالَ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "أَنْ يُعْبَدَ اللهُ، وَلَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ") ببناء الفعلين للمفعول، قال النوويّ رحمه الله تعالى: هكذا ضبطناه "يُعْبَدُ" بضم المثنّاة تحتُ، و"شيْء" بالرفع، وهذا ظاهرٌ، وقال الشيخ أبو عمرو رحمه الله تعالى: ووقع في الأصول "شيئًا" بالنصب، وهو صحيح على التردد في قوله: "يعبد الله، ولا يشرك به شيئًا" بين وجوه ثلاثة:

[أحدها]: "يَعْبُدَ الله" بفتح الياء التي هي للمذكر الغائب، أي يَعْبُدَ العبدُ اللهَ، ولا يُشْرِكَ به شيئًا، قال: وهذا الوجه أَوْجَهُ الوجوه.

[والثاني]: "تَعْبُدَ" بفتح المثنّاة فوقُ، للمخاطب على التخصيص لمعاذ؛ لكونه المخاطب، والتنبيه به على غيره.

[والثالث]: "يُعْبَدَ" بضم أوله، على ما لَمْ يُسمَّ فاعله، ويكون قوله: "شيئًا" كناية عن المصدر، لا عن المفعول به، أي لا يُشْرَك به إشراكًا، ويكون الجارّ والمجرور في قوله: "به" هو القائم مقام الفاعل، قال: وإذا لَمْ تُعَيِّن الرواةُ شيئًا من هذه الوجوه، فَحَقٌّ على من يروي هذا الحديثَ منّا أن ينطق بها كُلّها واحدًا بعد واحدٍ؛ ليكون آتيًا بما هو المقول منها في نفس الأمر جزمًا، والله تعالى أعلم انتهى كلام ابن الصلاح (١).

قال النووي رحمه الله تعالى بعد ما ذكر كلام ابن الصلاح: ما نصّه: وما ذكرناه أوّلًا صحيح في الرواية، والمعنى، والله تعالى أعلم، انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله النوويّ رحمه الله تعالى من صحّة الرواية بضبط "يُعبد الله، ويُشرَك" بالبناء للمفعول، ورفع "شيء" على أنه


(١) "صيانة صحيح مسلم" ص ١٨٧ - ١٨٨.
(٢) "شرح مسلم" ١/ ٢٣٢.