(فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنَّهُ) مرجع الضمير كسابقه (يَقْطَعُ صَلَاتَهُ) أي يُبطلها، أو يُقلّل ثوابها على خلاف بين العلماء، سنحقّقه قريبًا - إن شاء اللَّه تعالى. (الْحِمَارُ) بالرفع فاعل مؤخّر، لـ "يقطع"، و"صلاته" مفعوله مقدّمًا (وَالْمَرْأَةُ، وَالْكَلْبُ الْأَسْوَدُ") المعنى: أن مرور هذه الأشياء بين يدي المصلّي يقطع صلاته، إذا لم يكن أمامه سترة مثلُ آخرة الرحل، قال عبد اللَّه بن الصامت (قُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، مَا بَالُ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ) "ما" استفهاميّةٌ مبتدأٌ، و"بالُ" خبره، و"البال": الحال، والشأن، أي ما شأن الكلب الأسود يقطع الصلاةَ؟ (مِنَ الْكَلْبِ الْأَحْمَرِ) متعلّق بحال مقدّر من "الأسود" على حذف مضاف، أي حال كونه كائنًا من دون الكلب الأحمر، وقوله:(مِنَ الْكَلْبِ الْأَصْفَرِ؟) بدل إضراب من الجارّ والمجرور قبله، ويَحْتَمِلُ أن يكون معطوفًا عليه بعاطف مقدّر، أي ومن الكلب الأصفر.
[تنبيه]: ذكر ابن هشام الأنصاريّ في "مغنيه" أنه حَكَى أبو زيد: أكلتُ خبزًا، لحمًا، تمرًا، فقيل: على حذف الواو، وقيل: بدل إضراب، وحَكَى أبو الحسن: أعطه درهمًا، درهمين، ثلاثةً، وخُرّج على إضمار "أو"، ويَحْتَمل البدل المذكور. انتهى كلام ابن هشام -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).
(قَالَ) أبو ذرّ -رضي اللَّه عنه- (يَا ابْنَ أَخِي) تقدّم أنه ابن أخيه نسبًا (سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كَمَا سَأَلْتَني) أي عن مخالفة حكم الكلب الأسود لحكم غيره من الكلاب، حيث يقطع الصلاة بمروره بين يدي المصلّي دونها (فَقَالَ) -صلى اللَّه عليه وسلم- ("الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ") حمله بعضهم على ظاهره، فقال: إن الشيطان يتصوّر بصورة الكلاب السُّود، وقيل: سُمّي شيطانًا؛ لأنه أشدّ ضررًا من غيره، وبهذا عُلمت الحكمة في كون الكلب يقطع الصلاة، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه- هذا من أفراد المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.