قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا يُجمَع بينه وبين الذي قبله بالحمل على الاختلاف في رؤية الهلال، وعنده من حديث عُمر:"ثم نزل على بني عمرو بن عوف، يوم الاثنين لليلتين بقيتا من ربيع الأول"، كذا فيه، ولعله كان فيه "خَلَتَا"؛ ليوافق رواية جرير بن حازم.
وعند الزبير في "خبر المدينة"، عن ابن شهاب: في نصف ربيع الأول، وقيل: كان قدومه في سابعه.
وجزم ابن حزم بأنه خرج من مكة لثلاث ليال بقين من صفر، وهذا يوافق قول هشام ابن الكلبيّ: إنه خرج من الغار ليلة الاثنين أول يوم من ربيع الأول، فإن كان محفوظًا، فلعل قدومه قباء كان يوم الاثنين ثامن ربيع الأول، وإذا ضُمّ إلى قول أنس: إنه أقام بقباء أربع عشرة ليلةً، خرج منه أن دخوله المدينة كان لاثنين وعشرين منه، لكن الكلبيّ جزم بأنه دخلها لاثنتي عشرة خلت منه، فعلى قوله تكون إقامته بقباء أربع ليال فقط، وبه جزم ابن حبّان، فإنه قال: أقام بها الثلاثاء والأربعاء والخميس، يعني وخرج يوم الجمعة، فكأنه لم يعتدّ بيوم الخروج، وكذا قال موسى بن عقبة: إنه أقام فيهم ثلاث ليال، فكأنه لم يعتدّ بيوم الخروج ولا الدخول.
وعن قوم من بني عمرو بن عوف أنه أقام فيهم اثنين وعشرين يومًا، حكاه الزبير بن بكار.
وفي مرسل عروة بن الزبير ما يقرُب منه.
والأكثر أنه قَدِمَ نهارًا، ووقع في رواية مسلم ليلًا، ويُجْمَع بأن القدوم كان آخر الليل، فدخل نهارًا، أفاده في "الفتح"(١).
(فَأَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً) وفي رواية للبخاريّ: "فلبِث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلةً"، وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب:"أقام فيهم ثلاثًا"، قال: وروى ابن شهاب عن مُجَمِّعِ بن جارية: "أنه أقام اثنتين وعشرين ليلةً"، وقال ابن إسحاق:"أقام فيهم خمسًا"، وبنو عمرو بن عوف يزعُمون أكثر من ذلك.