للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ) -رضي اللَّه عنهما-، قد تقدّم آنفًا أن أبا إسحاق قال في رواية سفيان التالية: "سمعتُ البراء"، فانتفت تهمة التدليس عنه (قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي نسخة: "مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ) وفي رواية سفيان: "نحو بيت المقدس"، أي جهته، و"المقدس" -بفتح الميم، وسكون القاف، وكسر الدال- مصدر ميميّ، كالمرجِعِ، أو اسم مكان من القُدْس، وهو الطُّهْر، أي المكان الذي يُطَهَّر فيه العابد من الذنوب، أو تُطَهَّر العبادة من الأصنام، وجاء فيه ضم الميم، وفتح القاف والدال المشددة، وهو اسم مفعول من التقديس، أي التطهير، وقد جاء بصيغة اسم الفاعل أيضًا؛ لأنه يُقَدَّس العابد فيه من الآثام، وفي "العُباب": القُدُس والقُدْس، مثال خُلُق وخُلْق: الطهر، اسم مصدر، ومنه حَظِيرة القدس، وروح القدس جبريل -عَلَيْهِ السَّلَامُ-، قال اللَّه تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} الآية [البقرة: ٨٧ و ٢٥٣] وقيل له: روح القدس؛ لأنه خلق من الطهارة، قاله في "العمدة" (١)، وقد تقدّم البحث في هذا بأتمّ مما هنا عند شرح حديث الإسراء، وللَّه الحمد والمنّة.

(سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا) هكذا رواية أبي الأحوص، عن أبي إسحاق: "ستّة عشر شهرًا" بدون شكّ، ووقع في رواية سفيان التالية: "ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا" بالشكّ، وكذا وقع بالشكّ عند البخاريّ من رواية زُهير بن معاوية، عن أبي إِسحاق، قال في "الفتح": قوله: "ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر" كذا وقع الشكّ في رواية زهير هذه هنا -يعني في الإيمان- وفي "الصلاة" أيضًا، عن أبي نعيم عنه، وكذا في رواية الثوريّ عنده، وفي رواية إسرائيل عند البخاريّ، والترمذي أيضًا، ورواه أبو عوانة في "صحيحه" عن عمار بن رجاء وغيره، عن أبي نعيم، فقال: "ستة عشر" من غير شكّ، وكذا لمسلم من رواية أبي الأحوص، وللنسائي من رواية زكريا بن أبي زائدة وشريك، ولأبي عوانة أيضًا من رواية عمار بن رُزيق -بتقديم الراء، مصغرًا- كلهم عن أبي إسحاق، وكذا لأحمد بسند صحيح عن ابن عباس، وللبزار،


(١) "عمدة القاري" ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣.