للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رواه الحاكم في "المستدرك" رقم (١٦٥)، وقال: صحيح على شرط البخاريّ، ولم يخرِّجاه.

وكذا رُوِي عن أنس بن مالك، وغير واحد من الصحابة والتابعين، والأئمة من السلف والخلف. انتهى كلام ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- (١).

(وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلًا، لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على أن أبا بكر -رضي اللَّه عنه- أفضل الناس بعد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأنه مخصوص من مِنَحِ اللَّه تعالى، ومن كريم مواهبه، ومن محبّة اللَّه ورسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- له بما ليس لأحد من بعده، وهذا مذهب أهل السنّة أجمعين من السلف الماضي، والخلف اللاحقين. انتهى (٢).

[تنبيه]: كتب بعضهم في معنى قوله: "لو كنت متّخذًا. . . إلخ" ما نصّه: يعني لو جاز لي أن أتّخذ صديقًا من الخلق يَقِف على سرّي لاتّخذت أبا بكر خليلًا، ولكن لا يطّلع على سرّي إلا اللَّه، ووجه تخصيصه بذلك أن أبا بكر كان أقرب سرًّا من سرّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لما رُوي أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن أبا بكر لم يفضُل عليكم بصوم، ولا صلاة، ولكن بشيء كُتِب في قلبه". انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الحديث لا أصل له (٣)، فلا يصلح لأخذ معنى الحديث منه، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه (وَإِنَّ) بكسر الهمزة؛ لوقوعها بعد "ألا" الاستفتاحيّة (مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ مَسَاجِدَ، ألَا فَلَا تَتَّخِذوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ) وقوله: (إِنِّي أَنْهَاكُمْ عَنْ ذَلِكَ) تأكيد لقوله: "فلا تتّخذوا. . . إلخ".

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قال العلماء: إنما نهى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدًا خوفًا من المبالغة في تعظيمه، والافتتان به، فربما أَدَّى ذلك إلى


(١) "تفسير ابن كثير" ١/ ٧٦٩ - ٧٧٠.
(٢) "المفهم" ٢/ ١٣٠.
(٣) راجع: "السلسلة الضعيفة" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- ٢/ ٣٧٨ أورده بلفظ: "ما فضلكم أبو بكر بكثرة صيام، ولا صلاة، ولكن بشيء وَقَرَ في صدره"، وقال: لا أصل له مرفوعًا.