قال الجامع عفا الله تعالى: ملخّص هذه المسألة أن العلماء اختلفوا فيها على أقوال:
[أحدها]: الجواز مطلقًا، وهو مذهب الجمهور من الأئمة الأربعة وغيرهم، وهو الصحيح؛ لكثرة أدلته، وقوّتها.
[الثاني]: المنع مطلقًا، وهو مذهب أبي عليّ الجبّائي المعتزليّ، وابنه أبي هاشم، وبعض أهل الظاهر.
[الثالث]: الجواز في مصالح الدنيا دون غيرها، وهو مذهب القدريّة.
[الرابع]: التوقّف في ذلك.
وكذلك اختلفوا في وقوعه من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فذهب الجمهور إلى وقوعه مطلقًا، وهو الصحيح، وذهب كثير من الحنفيّة إلى وقوعه بشرط انتظار الوحي، وذهب بعضهم إلى المنع مطلقًا، وذهب آخرون إلى وقوعه في أمور الدنيا فقط، والمذهب الخامس التوقّف.
وأما عصمته - صلى الله عليه وسلم - من الخطإ في اجتهاده، فللعلماء فيها قولان، مؤدّاهما واحد.
[أحدهما]: امتناع وقوع الخطإ منه - صلى الله عليه وسلم - في اجتهاده، وهو مذهب كثير من أهل العلم، وصوّبه الرازيّ، والسبكيّ، وغيرهما.
[الثاني]: - وهو الأصحّ - وقوعُ الخطإ في اجتهاده - صلى الله عليه وسلم -، إلا أنه لا يُقرّ عليه، بل يُنبَّه إلى الصواب، وهو مذهب أكثر الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة، وأصحاب الحديث، واختاره الآمديّ، وابن الحاجب، وغيرهما، وهو الأصحّ، وعليه دلّت نصوص الكتاب والسنّة (١).