للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تشبيه، ولا تمثيل، فهل هو على الصواب؟ أم من يعتقد أن معنى استوى: استولى، وأن معنى ينزل: ينزل ملكه، ويسلك مسلك التحريف والتأويل هو الذي على الصواب؟! فباللَّه أنصفوا، وقولوا الحق، أيهما على الصواب؟، وأيهما معه الحق؟! {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} [يونس: ٣٢].

اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمواتِ والأرضِ عالِمَ الغَيْب والشَّهادَة، أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفون، اهْدِنَا لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ، إنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ.

وقال صاحب "المفهم": إنه لما كان المصلي يتوجه بوجهه وقصده وكلّيته إلى هذه الجهة؛ نزّلها في حقه وجود منزلة اللَّه تعالى، فيكون هذا من باب الاستعارة، كما قال: "الحجر الأسود يمين اللَّه في الأرض"، أي بمنزلة يمين اللَّه.

قلت: وقد أوّل الإمام أحمد هذا الحديث. قال القرطبي: وقد يجوز أن يكون من باب حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه، فكأنه قال: مستقبل قبلة ربه، أو رحمة ربه، كما قال في الحديث الآخر: "فلا يبصق قبل القبلة، فإن الرحمة تواجهه".

قال العراقي: ولا أحفظ هذا اللفظ في البصاق، وإنما هو في مسح الحصى، كما رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث أبي ذرّ -رضي اللَّه عنه-، عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: "إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يمسح الحصا فإن الرحمة تواجهه". انتهى.

قال الجامع عفا اللَّه تعالى عنه: كلام صاحب "المفهم" هو عين ما قاله العراقي فتنبه.

وأما قوله: وقد أوَّل الإمام أحمد هذا الحديث، فقد ردّه شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (٥/ ٣٩٨). قال -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وأما ما حكاه أبو حامد الغزاليّ عن بعض الحنابلة: أن أحمد لم يتأول إلا ثلاثة أشياء: "الحجر الأسود يمين اللَّه في الأرض"، و"قلوب العباد بين أصبعين من أصابع