للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما نزعه خاتم الذهب عند التحريم فهو مُتَّفَقٌ عليه من حديث ابن عمر -رضي اللَّه عنهما-.

وفي "الصحيحين" من حديث أنس -رضي اللَّه عنه- أنه كان من فضة، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنه وَهَمٌ، قال وليّ الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ولعله كان لما شَغَله عنهم، وإن كان فضة، فيكون لا لحرمته، ولكن لاشتغاله به عنهم، ولا حاجة حينئذ إلى الحكم عليه بالوهم، واللَّه تعالى أعلم.

قال: ورَوَينا في "الزهد" لابن المبارك عن مالك، عن أبي النضر، قال: انقطع شراك نعل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فوصله بشيء جديد، فجعل ينظر إليه، وهو يصلي، فلما قضى صلاته قال: انزِعُوا هذا، واجعلوا الأول مكانه، فقيل: كيف يا رسول اللَّه؟ قال: إني كنت انظر إليه وأنا أصلي.

ورَوَى محمد بن خفيف الشيرازي بإسناده إلى عائشة -رضي اللَّه عنها- أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- احتَذَى نعلًا، فأعجبه حسنها، ثم خرج بها، فدفعها إلى أول مسكين لقيه، ثم قال: "اشتر لي نعلين مخصوفتين".

قال الجامع عفا اللَّه عنه: هذا الحديث، والذي قبله يحتاج إلى النظر في سنده، واللَّه تعالى أعلم.

ورَوَى مالك في "الموطأ" عن عبد اللَّه بن أبي بكر أن أبا طلحة الأنصاري كان يصلي في حائطه، فطار دُبْسِيّ (١)، فطَفَق يتردد يلتمس مخرجًا، فأعجبه ذلك، فجعل يُتبعه ببصره ساعة، ثم رجع إلى صلاته، فإذا هو لا يدري كم صلي، فقال: لقد أصابتني في مالي هذا فتنة، فجاء إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فذكر له الذي أصابه في حائطه من الفتنة، وقال: يا رسول اللَّه، هو صدقة لك، فضعه حيث شئت. انتهى كلام ولي الدين -رَحِمَهُ اللَّهُ- (٢)، وهو بحثٌ مفيدٌ جدًّا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في الأسئلة والأجوبة:


(١) "الدُّبْسيّ" بالضمّ: ضربٌ من الفواخيت، قيل: نسبة إلى طير دُبْس، وهو الذي لونه بين السواد والحمرة، قاله في "المصباح" ١/ ١٨٩، و"الفواخيت": جمع فاختة: طائر معروف، قاله في "القاموس" ١/ ١٥٤.
(٢) راجع: "طرح التثريب في شرح التقريب" ٢/ ٣٧٩.